س23 : لماذا اللّغة اللاّتينيّة هي لغة الكنيسة ؟ وكيف يمكن للمسيحين فهم اللّغة اللاّتينية التي يُصلى بها القداس ؟
س23 : لماذا اللّغة اللاّتينيّة هي لغة الكنيسة ؟ وكيف يمكن للمسيحين فهم اللّغة اللاّتينية التي يُصلى بها القداس ؟
بدأت الكنيسة الكاثوليكيّة في عهد الإمبراطوريّة الرّومانيّة، واللّغة السّائدة المنطوقة في جميع أنحاء الإمبراطوريّة في ذلك الوقت كانت اللّغة اللاّتينيّة. وعندما أنتقل القديس بطرس من إنطاكية ليؤسس كرسي روما، أصبح الكرسي الرّسوليّ في روما إلى يومنا هذا .فكان من البديهيّ أن تصبح اللاّتينيّة لغة الكنيسة، وحتّى قرون قليلة مضت كانت اللّغة اللاتّينيّة لغة الطّبقات المتعلّمة إلى القرن الثّامن عشر والتّاسع عشر. ولذلك، فإنه ليس من الغريب على الإطلاق أن تكون اللاتّينيّة بمثابة اللّغة الرّسميّة للكنيسة الكاثوليكيّة.
وعلاوة على ذلك، فهي لغة عالميّة تُسهّل إلى حدّ كبير وحدة الكنيسة. إن المجامع المسكونيّة، على سبيل المثال، كانت دائماً تُعقد باللاّتينيّة، الأمر الذي مكّن الأساقفة في جميع أنحاء العالم من التّواصل فيما بينم بسهولة، على عكس الإنجليزيّة والفرنسيّة والألمانيّة واللّغات الأخرى في العالم الغربيّ آنذاك.
ومن خواص اللّغة اللاتّينيّة أنّها لم تتغيّر عبر القرون، كما لم تتأثّر بالتّعابير الوطنيّة، واللّغات العاميّة وما شابه ذلك. وبالتّالي في الدّول الغربية تعتبر اللغة اللاّتينيّة اللغة الرّسميّة للاحتفالات الطّقسيّة ولا سيَّما القداس لأنها تساعد على الحفاظ على النّقاء الأصليّ لليتورجيّة، وبالرّغم من هذا إلاّ أن الكنيسة كانت حريصة على وجود ترجمات كاملة للقداس اللاّتينيّ في كتاب القداس بلغات محليّة، ولذلك كانوا دائماً لهم القدرة على فهم ومتابعة كلّ ما يقوله ويفعله الكاهن على المذبح، وحتّى لو كان القداس يُصلى باللّغة اللاّتينيّة. وينبغي أيضاً أن يوضع في عين الاعتبار أن القداس لم ينحصر أبداً في اللاتّينيّة. فجميع العظات، والقراءات، والطّلبات، والإعلانات الختاميّة كانت بلغة الشّعب، بحسب لغته.إلى أن جاء المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّانيّ، وأحدث تطورات عظيمة في اللّيتورجيّات عامّة، فنجده يخصصّ دستورًا للشأن اللّيتورجيّ، في جلسته الثّالثة، لسنة 1963م، ليتناول قضية إحياء اللّيتورجيا، تحت عنوان” دستور في اللّيتورجيّا المقدّسة /SacrosanctumConcilium ” حيث أقرّ رسميًّا الصّلاة كاملة باللّغات المحليّة، من دون تجاهل القيمة التّرائيّة لسائر اللّغات القديمة، التي سجلت لنا وحافظت على هذا الزّخم الاحتفاليّ بجوهر إيماننا عبر التَّاريخ، وفي هذا القرار خير المؤمنين حيث يتيح لهم الفرصة الكاملة لمعايشة ومتابعة كافة الاحتفالات الكنسيّة بلغة يفهمها الجميع، كل حسب لغته. إنّه مسعى من أجل إيمان أكثر وعيًا وفهمًا.