الثبات في محبة يسوع هو القدرة على التواصل والحوار مع الرب والإخوة

1٬128

البابا فرنسيس

“معايير الحب الحقيقيّ” هذا ما تمحورت حوله عظة قداسة البابا فرنسيس في القداس الإلهي الذي ترأسه صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان، وقال ينبغي على الحب أن يكون ملموسًا وأن ننقله ونحمله للآخرين، في الواقع حتى الرهبان والراهبات الذين يختارون الحياة المحصّنة لا يعزلون أنفسهم بل يتواصلون مع الله ومع بعضهم البعض أيضًا.

استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم من إنجيل القديس يوحنا وقال يطلب منا يسوع اليوم أن “نثبت في محبّته”، وهناك معياران يمكنهما أن يساعدانا للتمييز بين الحب الحقيقي والحب الزائف. المعيار الأول هو أن الحب يظهر في الأعمال وليس في الأقوال، فهو ليس حب مسلسلات أو قصص خياليّة تجعل قلبنا يخفق لفترة قصيرة فقط لينتهي كل شيء بعد ذلك، لأن الحب يقوم على الأعمال الملموسة، ويسوع نفسه يحّذّر تلاميذه قائلاً: “لَيسَ كلُّ مَن يَقول لِي: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! يَدخل مَلَكُوتَ السَّمَاوَات. بَل الَّذِي يَفعَل إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَات” بمعنى آخر، أي أن الحب الحقيقي هو حب ملموس في الأعمال، وهو حب ثابت وراسخ. فهو ليس مجرّد حماس بسيط، وإنما أحيانًا هو حبٌّ أليم أيضًا: لنفكر، على سبيل المثال، بمحبّة يسوع لنا عندما حمل الصليب.

تابع البابا فرنسيس يقول: يعلّمنا يسوع أعمال المحبة في الفصل الخامس والعشرين من إنجيل القديس متى، فمن يحب يُطبّق بروتوكول الدينونة هذا: كنت جائعاً فأطعمتموني كنت عطشاناً فسقيتموني كنت غريباً فآويتموني… إنها واقعيّة ملموسة! حتى التطويبات، برنامج يسوع الرعائي، هي ملموسة أيضًا. وأضاف البابا يقول إن إحدى أولى الهرطقات في الديانة المسيحية ولدت في الفكر الغنّوصي الذي كان يتحدّث عن إله بعيد… بدون أي واقع ملموس. لكن محبة الله قد ظهرت لنا بشكل ملموس عندما أرسل ابنه الذي تجسّد وصار بشرًا ليخلّصنا.

تابع الحبر الأعظم يقول أما معيار الحب الثاني فهو بأنه يُنقل للآخر ولا يبقى وحيدًا منعزلاً. فالحب يعطي من ذاته وينال من الآخر، مُجسّدًا ذلك التواصل الموجود بين الآب والابن؛ وهذا التواصل هو عمل الروح القدس. لا يوجد حب بدون تواصل، كما وانه لا يمكن للحب أن يقوم وحيدًا منعزلاً. قد يسألني أحدكم: “ولكن يا أبتي هناك الرهبان والراهبات الذين يختارون الحياة المحصّنة، هؤلاء يعيشون منعزلين”. لا! هؤلاء يتواصلون مع بعضهم البعض ويتواصلون مع الرب ومع الذين يقصدونهم ليسمعوا كلمة من الله… فالحب الحقيقيّ لا يمكنه أن ينعزل أبدًا… وعندما ينعزل يفقد ماهيّته ولا يعود حبًّا بل يصبح نوعًا من الأنانيّة التي تنغلق على ذاتها وتبحث عن مصالحها…

وبالتالي، تابع البابا فرنسيس مؤكّدًا أن الثبات في محبة يسوع هو تلك القدرة على التواصل والحوار مع الرب ومع الإخوة. إنه أمر بسيط جدًا. ليس سهلاً بالتأكيد لأن هناك أيضًا تجربة الأنانيّة التي يمكنها أن تجذبنا وتجعلنا نبتعد عن التواصل مع بعضنا البعض. لكن ماذا يقول الرب للذين يثبتون في محبّته؟ “قُلتُ لَكم هذهِ الأشياءَ لِيَكونَ بِكُم فَرَحي فيَكونَ فَرحُكم تامًّا”. فالرب الذي يثبت في محبة الآب هو فرح، ويقول لنا: “إذا ثبتّم في محبتي فإن فرحكم سيكون تامًّا”، وهذا الفرح غالبًا ما يقترن بالصليب، لكنه الفرح الذي يقول لنا عنه يسوع بأنه ما من أحد يمكنه أن ينتزعه منا! وختم البابا فرنسيس عظته رافعًا الصلاة إلى الرب وقال: أعطنا يا رب نعمة الفرح هذا، ذاك الفرح الذي لا يمكن للعالم أن يعطينا إياه!

 

 

مواضيع ذات صلة
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.