5- ضرورةُ مريم للخلاص عموماً
ضرورةُ مريم للخلاص عموماً
طالما مريم هي ضرورية لله حسب الضرورة المسماة افتراضية، أي لأنه هو أراد ذلك، فتكون مريمُ أكثرَ ضرورةً للناس ليبلغوا غايتَهم. وعليه لا يجبُ خلطَ تكريمِ العذراء مع الإكرام المقدِّمِ للقديسين، الذي هو غيرُ ضروري ويمكنُ الاستغناء عنه.
برهَنَ العلَّامةُ سوارز اليسوعي الورع، بنوع قاطع، ومع التقيّ يوسطوس ليبس ملفان جامعة لوفان وكثيرون غيرهما، مستنتجين ذلك من أقوال الآباء ومن جملتهم القديس أفرام وأوغوسطينوس وقيرلس الأورشليمي وجرمانوس بطريرك القسطينية ويوحنا الدمشقي، وانسلموس وبرنردس وبيرناردينوس، وتوما الأكويني وبونافنتورا، بأنَّ تكريمَ العذراءِ مريم هو ضروريٌ للخلاص وهو علامةُ الانتخابِ المعصومة، بينما عدمُ احترامِها ومحبتها، هو حتى حسب إيكولمبادوس وبعضِ الهراطقة الآخرين، دليلٌ قاطع على الهلاك.
إنَّ رموزَ وأقوالَ الكتابِ المقدس تثبت ذلك. وشعائرَ وأمثالَ القديسين تؤيد ذلك وهو: «إنَّ إكرامَكِ هو سلاحُ الخلاص المقدّمِ من الله» (يوحنا الدمشقي). وبوسعي هنا أن أُقدم قصصاً عديدة تثبت هذه الحقيقة. منها ما جاء في أخبار القديس فرنسيس الأسيزي، عندما رأى في انخطاف، سُلماً عالياً يتصل رأسُهُ بالسماء، وعند نهايته واقفةٌ العذراء القديسة، ففهم من ذلك بأنه كان يجب الصعود إلى السماء بواسطتها. ثم ما أتى في ترجمة القديس عبد الأحد، الذي كان يكرز عن تكريم العذراء بتلاوة الوردية، بالقرب من كركسون، بأنَّ العذراءَ القديسَةَ أرغمت الشيطان الذي كان قد استولى على نفس هرطوقي تعيس، بأن يقرَّ لخزيه، بقوةٍ ووضوح، بحقائقَ كثيرةٍ ومعزية تخص إكرامَها، بنوع انه لا تُقرأ هذه القصة والخطبة التي عملها الشيطان مرغماً، عن تكريم العذراء مريم، دون أن تسيلَ من مآقيه الدموع فرحاً، مهما كان الشخصُ قليلَ التكريم نحوها.