8- في رُسُل الأزمنة الأخيرة

2٬633

في رُسُل الأزمنة الأخيرة

أَخيراً يريد الله أن تكونَ أُمُّهُ القديسة، حالياً أكثر معروفةً ومحبوبةً ومحترمة مما كانت سابقاً، الأمر الذي سيصير حتماً، إذا ما يمارس المختارون بنعمةِ ونورِ الروح القدس، التكريمَ الباطني الكامل الذي سأكشِفُه لهم: فسَيَرون بوضوح، على قدر ما يسمح لهم الإيمان، نجمةَ البحر الجميلة هذه، وسيصلون الى مرفأ السلام رغم العواصف والقراصنة، باقتدائهم بسيرتها، وسيعرفون عظائمَ هذه الملكة، فيُكرّسون ذواتِهم بجملتها لخدمتِها، مثل رعاياها المحبّين، وسيشعرون بحلاوتها وجودتها الوالدية وسيحبّونها بحنانٍ كأبناءٍ بَرَرة. وسيعرفون مراحمَها الغزيرة، ويشعرون بمعونتها فيلتجئون إليها دوماً وفي كل شيء كما الى محاميتهم العزيزة ووسيطتِهم لدى يسوع المسيح، ويدرون أنها الواسطةُ الأسهلُ والأقصر والأكمل للذهاب اليه. فيسلّمون لها جسدَهم ونفسَهم دون تحفّظٍ ليصبحوا لها بجملتهم.

فمن سيكونُ هؤلاء المحبّون أولادُ مريم؟ سيكونون ناراً متّقدة من خدّام الرب، يُضرمون نارَ المحبّة الإلهية في كل مكان. سيكونون كسهامٍ بيد القوي (مز 16: 4)، كسهامٍ مرشوقة بيد مريم القديرة تمزّق بها أعداءَها. سيكونون مطهّرين بنار المِحَن، ومتَّحدين بالله تماماً (1كور 17: 6) يحملون ذهبَ المحبّة في القلب وبخورَ الصلاة في الروح، ومُرَّ التضحيةِ في الجسد. سيقدّمون للفقراء والصغار في كل مكانٍ رائحةَ المسيح الطيبة، وللعظماءِ والأغنياءِ المتكبرين العالميين، رائحة الموت. سيكونون غيوماً مُرعدةً تسبح في الهواء لأقلِ نسيمٍ من الروح القدس، لا مبالين بشيءٍ ولا مستغربين من أمر. يمطرون كلمةَ الله والحياة الأبدية، سيرعدون ضدَ الخطيئة، ويكونون كالصاعقة ضدَ العالم، يضربون الشيطان وزبائنَه ويخترقون جميعَ الذين يُرسِلُهم العلي اليهم بسيوفهم رُسلَ الأزمنة الأخيرة الحقيقيين، فيعطيهم إلهُ القوة، الكلمةَ والنفوذَ لاجتراحِ العجائب، فينالون غنائمَ مجيدةً من أعدائهم، سينامون دونَ ذهبٍ ولا فضة، وما هو أعظم، بلا اهتمام، وسط الكهنةِ الآخرين من الكنسيين والاكليركيين (مز 67: 14)، وستكونُ لهم أجنحةُ الحمامةِ الفضيّة للذهاب بنيّةٍ خالصةٍ حيث يدعوهم الروحُ القدس، لمجدِ اللهِ وخلاصِ النفوس، ولن يتركوا وراءَهم، في الأمكنة التي كرزوا فيها، إلَّا ذهبَ المحبّةِ الذي هو كمالُ الشريعة. (رومية 13: 10).

أخيراً سيكونون من تلاميذ يسوع الحقيقيين الذين يقتفون أثرَ فقرِه وتواضعِه ومحبّتِه، واحتقارِه للعالم، معلّمين مثلَه السبيلَ الضيّق المؤدي الى الله في الحقيقية المحضة، وحسَبَ الإنحيل المقدس، وليس بموجب مبادئ العالم دون أن يهابوا أحداً من المائتين، مهما كان قديراً. سيكون سيفُ كلامِ اللهِ ذي الحدين في فمهم، حاملين شعارَ الصليبِ المضرَّجِ بالدم على أكتافهم وفي يُمناهم، والسبحةَ في يسراهم، واسما يسوع ومريم الأقدسين مرسومةٌ على قلوبهم، واحتشامُ وإماتةُ المسيح في سلوكهم.

هؤلاء هم الرجالُ العظام الذين سيأتون، مرسَلين من مريمَ بإذن اللهِ لنشر سلطانِه على المُلحِدين والوثنيين. أما متى وكيف سيكون ذلك، فالله وحده يعلمُ ذلك. وواجبُنا نحن هو ملازمُة الصمتِ والصلاة والتنهّد قائلين مع المزمور: «إنتظاراً إنتظرت» (مز 49: 2).


كتاب الإكرام الحقيقي للعذراء مريم
 ✞  السابق     ✞  البداية     ✞  التالي 
مواضيع ذات صلة
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.