13- في صعوبة المحافظة على النعم والكنوز المقتبلة من الله
في صعوبة المحافظة على النعم والكنوز المقتبلة من الله
الحقيقةُ الخامسة. إنه لمن الصعب جداً علينا أن نحافظَ على النعم والكنوز التي قبلناها من الله، نظراً إلى ضعفنا ورخاوتنا. لأنَّنا نحمل هذا الكنزَ الثمينَ في «آنيةٍ ضعيفة» (2كور 7:4) أي في جسد قابلٍ للفساد ونفسٍ ضعيفة متقلبة، يُقلقها شيء بسيط ويوقعها.
إنَّ الشيطانَ اللصَ الخبيث، يدور حولَنا بلا انقطاعٍ ليفترسَنا ويباغتَنا ليسرقَنا بارتكاب خطيئة، فيسلبَنا كلَّ ما حصلّناه في سنين عديدة من نعم واستحقاقات. إنَّ خبثَه وخبرتَه وحيلَه يجب أن تُخيفَنا، لأنَّ أُناساً أكثرَ نعمةً منا، وأغنى فضيلةً وارسخَ خبرةً وأسمى قداسةً سَلبهم بنوع فظيع. مع الأسف، كم من أرز لبنان قد سقط ونجمٍ لامع هوى في وقت قصير. وكان سببَ ذلك، عدمُ تواضعِهم اذ ظنوا أنهم يقدرون المحافظة على كنوزهم، معتمدين على ذواتهم، حاسبين بيتهم راسخاً كفاية، وصناديقَهم قوية للمحافظة على كنوز النعم، إلا أنَّ العادلَ سمح بتركهم لذواتهم. فلو أودعوا ما لهم إلى يد مريمَ الأمينة، لحافظت عليها بحرصٍ عظيم.
إنَّه من الصعب الثباتَ في القداسة بسبب فسادِ العالم. إنَّ العالمَ فاسدٌ جداً، حتى أنَّ القلوب تُبان وكأنها ملوثةٌ، اذا ليس بوحله، فأقلَّه بغباره. لذا عندما يبقى الشخص ثابتاً وسطَ هذا التيار العارم دون أن يجرفَ منه، أو في البحر الصاخبة امواجُه ولا يغرق، أو يُسلَبُ من القراصنة، أو لا يختنقُ في هواء فاسد، يعتبرُ ذلك كمعجزة تقومُ بها العذراءُ الامينة، تلك التي لم يصر للحية فيها نصيب، نحو الذين يخدمونها ينوعٍ جميل.