22 تشرين الأول – عيد البابا القديس يوحنا بولس الثاني
البابا القديس يوحنا بولس الثاني
ولد كارول جوزيف فوتيلا في 18 مايو 1920 في بولندا وانخرط في سلك الكهنوت عام 1946 وأصبح أسقفًا عام 1958 ثم كاردينالاً عام 1967 وأخيرًا بابا للكنيسة الكاثوليكية خلفًا للبابا يوحنا بولس الأول ليصبح البابا البولندي الأول في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية.
في الرابع من شهر تموز يوليو من عام 1958 عُين فوتيلاأسقفاً معاوناً على رئاسة أبرشية كراكوفيا. ونال سيامته الأسقفية في الثامن والعشرين من أيلول سبتمبر من العام نفسه في كاتدرائية وافل. بعد وفاة رئيس أساقفة كراكوفيا المطران بازياك انتُخب فوتيلا نائباً لرئيس مجمع الكهنة في كاتدرائية رئاسة أبرشية كراكوفيا في السادس عشر من تموز يوليو من عام 1962.
شارك في أعمال المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، في كانون الأول ديسمبر 1963. وبعد نهاية أعمال المجمع قام فوتيلا بزيارة حجّ إلى الأرض المقدسة برفقة بعض الأساقفة. وفي الثلاثين من كانون الأول ديسمبر من عام 1963 عُين رئيس أساقفة على كراكوفيا.
في التاسع والعشرين من كانون الأول ديسمبر أُسّست اللجنة الأسقفية البولندية لرسالة العلمانيين، وترأسها كارول فوتيلا. في الثامن والعشرين من حزيران يونيو من عام 1967 اعتمر القبعة الكاردينالية من يد السعيد الذكر البابا بولس السادس.
في الخامس عشر من آذار مارس من عام 1969 أصبح الكاردينال فويتيوا نائباً لرئيس مجلس أساقفة بولندا. في التاسع والعشرين من أيار مايو من العام التالي ترأس الذبيحة الإلهية في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان بمناسبة الذكرى السنوية الخمسين لسيامة البابا بولس السادس الكهنوتية. في الخامس من تشرين الأول أكتوبر من العام التالي انتُخب عضواً في مجلس أمانة سرّ سينودوس الأساقفة.
في الثاني والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر من عام 1976 ترأس الكاردينال فوتيلا الوفد البولندي إلى المؤتمر الدولي للجامعات الكاثوليكية والكليات الكنسية الذي عُقد في روما. في الحادي عشر من شهر آب أغسطس من عام 1978، شارك في مراسم تشييع السعيد الذكر البابا بولس السادس.
في السادس والعشرين من الشهر عينه انتُخب ألبينو لوتشياني، حبراً أعظم، واختار أن يُدعى يوحنا بولس الأول. في الثالث من تشرين الأول أكتوبر عاد إلى روما ليشارك في مراسم تشييع البابا يوحنا بولس الأول. وفي السادس عشر من تشرين الأول أكتوبر من عام 1978 انتُخب الكاردينال كارول فويتيوا حبراً أعظم، واختار “يوحنا بولس الثاني” اسماً له. وأصبح بذلك الحبر الأعظم الـ 264 في تاريخ الكنيسة.
في الثالث عشر من أيار مايو من عام 1981، تعرّض البابا لمحاولة اغتيال عند الساعة الخامسة والدقيقة التاسعة عشرة على يد التركي علي أقجا، خلال جولة كان يقوم بها بين المؤمنين في ساحة القديس بطرس، قبل مقابلة الأربعاء العامة. نُقل البابا على أثر الاعتداء إلى مستشفى جيميلّي بروما، حيث أُخضع لعملية جراحية استغرقت ستّ ساعات. بعد خمسة أيام على دخوله المستشفى تلا البابا من غرفته صلاة التبشير الملائكي وقال: “أصلّي من أجل أخي الذي أطلق النار عليّ والذي غفرت له من كلّ قلبي”. في الثالث من حزيران يونيو عاد قداسته إلى الفاتيكان بعد أن أمضى اثني عشر يوماً في المستشفى.
في 12 مايو 1982 وقبل يوم واحد من الذكرى السنوية الأولى لاغتياله، وفي ساحة القديس بطرس أيضًا، قام رجل ثاني بطعن البابا بحربة، على الرغم من وجود الحرس السويسري ومرافقي البابا في المكان، إلا أن المهاجم فشل في إصابة البابا، على الرغم من سكرتير البابا الكاردينال ستانيسلو قال لاحقًا أن البابا أصيب لكنه تمكن من إخفاء الجرح غير المهدد للحياة. محاولة الاغتيال الثالثة كانت خلال زيارته الفيليبين عام 1995 تزامنًا مع احتفالات يوم الشبيبة العالمي، عن طريق قنبلة يحملها انتحاري يرتدي ثوب كاهن، لتكون المرحلة الأولى من العملية التي ستتبعها عملية ثانية بتفجير داخل الجمع نفسه.
في عهده تركزت الأنظار نحو الكرسي الرسولي. فقد غيّر وجهة الكنيسة مدخلاً تعديلات جذرية في طريقة تعاطيها مع العالم. قبله لم يكن البابا يخرج من روما إلا نادراً. أما هو فقد انطلق من روما إلى العالم، ملاقياً الملوك والرؤساء والزعماء، وملاقياً على نحو خاص الجماهير.
عندما زار البابا يوحنا بولس الثاني بلده الأم بولونيا في السابع من حزيران 1979 كان هذا البلد رازحاً تحت وطأة الحكم السوفياتي. في تلك الزيارة ردد البابا كلمات: الحرية، الحقيقة، الإيمان. بعد عام من ذلك انفجر صاعق الثورة ولم تنطفئ الشرارة إلى أن فتحت بولونيا فجوة في خاصرة الامبراطورية السوفياتية. الفجوة اتسعت فكان سقوط جدار برلين في آخر الثمانينيات. كان دور البابا مهماً في إحداث التحوّل ليس فقط في أوروبا الشرقية وإنما أيضاً في بلدان أخرى. سلاحه في مقاومة السلطات العنيفة والمتسلطة، كان بضعة كلمات.
كان يوحنا بولس الثاني بابا سياسياً بقدر ما كان زعيماً روحياً. ألقى عشرة آلاف خطاب، وأصدر 14 ارشاداً رسولياً، وحمل الكنيسة على التطرّق إلى مختلف المواضيع. من الحروب إلى المذاهب الايديولوجية والأنماط الاقتصادية والمسائل الاجتماعية ومشكلة العنصرية والقضايا البيئية والثورات الشعبية، وصولاً إلى سوء التنمية وديون العالم الثالث والأمن ونزع الأسلحة.
وعلى الرغم من تدهور صحته في السنوات الأخيرة ظل البابا محافظاً على صلابته المدهشة ومواقفه التي كانت دوماً إلى جانب الإنسان وكرامته وحقوقه. وفي هذا السياق، عارض شن الحرب على العراق عام 2003، وقاد ما يمكن اعتباره حملة مسيحية عالمية ضد هذه الحرب. قبل الحرب على العراق وبعد تفجيرات 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأميركية، أعطى البابا الضوء الأخضر لعقد لقاء في روما حضره ممثلو الأزهر الشريف، ليؤكد على موقف مبدئي هو فك أي ارتباط بين الجريمة المنكرة والإسلام تحديداً، وبين أي جريمة سياسية والدين في شكل مطلق.
إلى ذلك، شهد العالم مواقف البابا ومبادراته الشجاعة حيال العديد من البلدان التي عانت الحروب والعذابات، وفي طليعتها الشرق الأوسط.
هذا البابا الشجاع الثوري قدّم صورة عن مسيحية انجيلية غير متغطرسة تطلب المغفرة عن الإساءات التي قامت بها الكنيسة الكاثوليكية في مراحل مختلفة من التاريخ. ففي العام 2000 طلب البابا الغفران من جميع من أساءت إليهم الكنيسة سواء كانوا من أبنائها الذي حكموا بعض الأحيان ظلماً، أو من المسيحيين غير الكاثوليك الذين تعرّضوا للاضطهاد، أو من المسلمين بسبب الحروب الصليبية، أو من اليهود نظراً إلى شعور اللاسامية الذي كنّه لهم بعض المسيحيين.الحبر الأعظم جال على معظم أصقاع الأرض، وقابل قادة وشعوباً من مختلف الأعراق والأديان، إيماناً منه بأن الله للجميع والسلام والمحبة لبني البشر كلهم، وهذه قمة الإنسانية وذروة الاتصال بالرب.
من أقوال البابا القديس:
– الكنيسةُ شركةُ عضويةُ، يجد فيها كلٌّ محلَّه ودورَه الخاصِ.
– اتخذوا محلكم في الكنيسةِ وهو ليس محلُ المستفيدين مِن الخدمةِ الرّعويةِ بل هو خصوصاً محلُ القيّمينَ النشطينَ على الرسالة.
– الكنيسةُ كنيستُكم لا بل أنتم الكنيسةُ.
– لا تخافوا من خدمةِ المسيحِ، والكنيسةُ هي دعوةٌ خاصةٌ وعطيةٌ عجيبةٌ وسوف يكون المسيحُ في أزرِكم.
– إن الله محبّة، وهو يعيش في ذاته سرّ مشاركة شخصيّة في المحبّة… طبع في كيان الرجل والمرأة البشري الدعوى إلى الحبّ والمشاركة فيه وبالتالي القدرة عليه والمسؤوليّة. تجاهه. فالحب إذن هو الدعوة الأساسيّة لكل كائن بشري يولد معه عندما يولد.
– على السياسيين المسيحين واجب الدفاع عن العائلة المسيحيّة مهما بلغت الأثمان والتضحيات، وعليهم ألا يضعوا العائلة في إطار إجتماعي ضيّق، لأن العائلة بالأصل سرّ ومؤسسة بكل معنى للكلمة، أساسها المسيح أمها الكنيسة.
– وردية مريم العذراء هي السلسلة العذبة التي تصلنا بالله.
– الإيمان نعمة يقدّس العقل والقلب والنفس، لأن العقل المستنير بالإيمان يجعل الحياة أكثر رجاء وفرحاً وسعادة.