الإبن الضال
في الأسبوع الرّابع من زمن الصّوم، تضعنا أمنا الكنيسة بين أهواء مجنونة لابن أصغر وطاعة حزينة لابن أكبر… أي بين إبنين ضالين، محتاجين إلى الشّفاء والغفران من أب حنون ينتظر عودتهما ويحنو على ضعفهما.
فأين نحن من هذين الإبنين:
– إبن أصغر، أصابه داء الحريّة الزّائفة، فكانت الضّحيّة الأولى أبيه وقد اعتبره ميتًا طالبًا حصّته بالميراث، وإذ يحترم الأب حريّة أبنائه أعطاه نصيبه بلا جدال، فكان اعتقاده أن الذهاب لمكان بعيد عن حضن الأب هو عيش الحريّة غافلًا أن الحب المشروط مُسْتشري في المجتمع يُعشّش في قلوب البشر، فباتت صحبة الخنازير سبيله الوحيد للعيش؛ فقد كرامته حتّى قارب الحيوان هو من كان مغمورًا بالنّعمة والنّعيم في حضن أبيه، بات يشتهي أن يأكل علف الخنازير وهي أدنس الحيوانات. وحده الجوع أعاده إلى ذاته وبعده إلى بيت الآب طالبًا الغفران.
– إبن أكبر يمثّل الإنسان الملتزم بالتّقاليد، لكنّه مغلق عن الحب الحقيقي، يبدو من الخارج من دون خطيئة، لكن عند عودة أخيه تتفجّر في داخله قوى الشّر فيسقط القناع… فيرفض حتّى الإعتراف بأخيه قائلًا لأبيه “إبنك هذا” فإذا كان الأخ يرفض أن يكون أخًا، فكيف يمكنه أن يكون ابنًا.
إخوتي، إنجيل هذا الأحد المبارك دعوة لكل واحد منّا لأن يطلب بلا ملل ولا كلل نعمة الجوع “طوبى للجياع والعطاش…” فلا نكتفي من حب الآب بل نغرف منه فنعيش عمق حريّة أبناء الله الملك، ونتخطّى سطحيّة الإيمان المزيّف ونبحر إلى العمق.