أهميّة الصلاة للأنفس المطهرية

8٬347

أوحى الروح القدس الى الأقدمين منذ أجيال ان الصلاة لأجل الموتى فكرة مقدّسة وخلاصية. ويسوع لم يحبس دموعه امام قبر ليعازر حبيبه. والكنيسة المستنيرة بعواطف قلب معلّمها الإلهي لم تأل جهداً في تحريض بنيها على مساعدة الموتى بالصلاة وأعمال المحبّة والإحسان. والقديس توما العظيم شمس المدارس الكاثوليكية قال: “إن الصلاة لأجل الموتى أفعل أنواع الصلوات وأشدّها قبولاً أمام الله. وهذا النوع من الصلاة يشتمل على جميع أفعال المحبّة الجسدية والروحية. لكن الكثيرين من المسيحيين يجهلون أن محبّة الأنفس المطهرية مفيدة جداً للأحياء والأموات على السواء. وهذا التعليم ألقاه على العالم الكاثوليكي عظام العلماء مثل القديس ألفونس دي ليغوري والقديس روبرت بلرمين وسواريز وتوما اللاهوتي وغيرهم كثيرين.

فقد قرر هؤلاء القديسون باجتماع الرأي ان من العدل كل العدل، ومن المفيد جداً ان نحصل من الله على النِّعم والمواهب الروحية والجسدية. قال بلرمين: “إن باستطاعة الأنفس المطهرية الشفاعة لمن يسأل حاجاته، وعون الله له. نستغيث بالأنفس المطهريّة نلتمس شفاعتها وغفران خطايانا، والإنتصار على التجارب، والحصول على النِّعم الروحية والجسدية بواسطة شفاعتها. قالت القديسة كاترينا دي بولونيه لراهباتها: “عندما أحبّ الحصول على نعمة من الأب الأزلي، التجئ الى النفوس المطهريّة لتلتمسها لي منه بإسمي. وبقوّة شفاعتها أحصل دائماً على ما أبتغي.” وهي تؤكّد انها حصلت على نِعم لم تحصل عليها بشفاعة القديسين أنفسهم. والقديسة تريزيا الطفل يسوع ايضاً قالت انها حصلت على جميع النّعم التي كانت تلتمسها بشفاعة النفوس المطهرية.

ومن الإيحاءات التي حصلت عليها القديسة بريجيتا، أنّ ملاكاً اقتادها يوماً الى المطهر، فسمعت نفساً حصلت على مساعدة كبرى تقول :”كافئ يا رب الذين ساعدونا في حاجتنا الى المساعدة. وأعطِ بدل الواحد مئة، الذين نهضوا بنا بصلواتهم الى مشاهدة نور لاهوتك”. وقديس الله خوري آرس، قال يوماً لأحد الكهنة: لو عرف الناس قوة شفاعة الأنفس المطهرية، وفيض النّعم التي تحصل عليها من سخاء الله، لما كانوا ينسونها، او يهملون مساعدتها. فلأجلها ينبغي ان نصلّي لتشفع لنا أمام الله ليرحمنا. واذا استقرّت هذه النفوس في نعيم الله، فمن له ان يدرك عظمة تحمّسها امام عرشه لخلاص الذين بمساعداتهم خلّصوها؟ فهذه النفوس السعيدة التي نخلّصها بصلواتنا من نيران مطهرها تنحدر كل ساعة من مقام مجدها الى حيث الذين ساعدوها لتقودهم في حياتهم هنا الى نهاية صالحة في جميع نواحي الحياة الزمنية والروحية.

كان للقديسة مارغريت ماري عبادة خاصة لمساعدة الأنفس المطهريّة، وبوحي اليها من القلب الإلهي قد تألمت أكثر من مرة من اجل تلك النفوس. لقاء ذلك قد أنعم الله عليها بتعزية كبرى وهي تأكّدها من خلاصها ورؤيتها تلك النفوس صاعدة الى سمائها، وهي تنظر اليها نظرات الشكر. ومن المأثور عنها قولها: لو كنتم تعرفون كم كانت سكرات نفسي بالفرح عظيمة، عندما كنت أرى تلك النفوس عائمة في بحار أنوار مجدها! فقد كنت أراها كسبّاح يجيد السباحة في عباب بحر خضم في ذلك المجد. وكم سألتها ان تتذكّرنا امام عرش عريسها السماوي. وما ألذّ جوابها لي وهو: ليس لنكران الجميل أثر في السماء. فلا يخيب طلبنا، ولا يطول انتظارنا النعمة اذا كانت فينا محبّة صادقة للأنفس المطهريّة. وبالإختبار نلمس هذه الحقيقة لمس اليد. اذا أردنا الحصول على نعمة ما، فلنُصلّ من أجل تلك النفوس القديسة، وهي بدورها تبدي لنا معرفة الجميل، بعرضها حاجاتنا على أبيها وأبينا السماوي.

تساعية لمساعدة النفوس المطهريّة

مواضيع ذات صلة
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.