س20 : لماذا يؤمن الكاثوليّك بذبيحة القداس الإلهيّ على الرّغم من أن المسيح قُدَّم كذبيحة مرة واحدة على الصّليب ؟
س20 : لماذا يؤمن الكاثوليّك بذبيحة القداس الإلهيّ على الرّغم من أن المسيح قُدَّم كذبيحة مرة واحدة على الصّليب ؟
إن الغالبيّة العظمى من غير الكاثوليّك لا يدركون تلك الحقيقة الهامّة، ألاَّ وهي أنّ المسيح نفسه قد قام بالقداس الأوّل ليلة العشاء الأخير. فنجده يقدم نفسه للآب كذبيحة غير دمويّة تحت شكليّ الخبز والخمر، الأمر الذي يهيأ ويستبق ذبيحته الدّمويّة على الصّليب التي سيتم تقديمها في اليوم التّالي: أيّ في الجمعة العظيمة. ومن خلال الكنيسة عبر الاحتفال الإفخارستيّ، لا يزال المسيح يقدم ذاته ذبيحة مرضيّة لله الآب على يد الكاهن: “وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا . هذا هو جسدي . وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً أشربوا منها كلكم . لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا ” ( مت 26 : 26 – 28 ) ، لقد أمر المسيح كنيسته وبشكل مباشر ومقصود الاحتفال على مثاله بالذّبيحة القربانيّة حيث أوصى تلاميذه قائلاً: “أصنعوا هذا لذكري” (لو 19:22). ومن ثمَّ يصبح كلّ قداس بمثابة الاتّحاد بذبيحة المسيح الواحدة على الصليب، كما أنّه تحقيق جوهريّ. فالإفخارستيا بهذا المعنى تُبنى على أساس عشاء الرّبّ مع التّلاميذ وتأخذ معناها الحقيقيّ والجوهريّ من ذبيحة الصّليب. وجدير بالذّكر أن وصيه الرّبّ يسوع لا تعني الاحتفال بالإفخارستيا كمجرد ذكرى وتذكار، فالنّص في أصله اللّغويّ، يتعدّى هذا المعنى ليصل به إلى التّحقيق الكامل والجوهريّ، لذلك حينما يُناول الكاهن جسد الرّبّ ودمّه يعلن لكلّ مُتقدّم ويؤكّد على هذه الحقيقة قائلاً: “جسد ودم عمانوئيل إلهنا، هذا هو بالحقيقة أمين”.
إنّ الكنيسة الكاثوليكيّة تؤمن وتُعلّم بأن ذبيحة الصّليب بمثابة الذّبيحة الكاملة والنَّهائيّة، والتي تحققّ فيها كل ما تنبأ بها العهد القديم. ونكرّر أنها كانت “مرة واحدة” على الصّليب. ولكن بحسب الرّسالة إلى العبرانيين، نستلم تقليدًا وهو بمثابة الشّهادة على ديمومة طقس الذّبيحة الإلهيّة التي وضعها المسيح في العشاء الأخير، ليس فقط لتقديس الإنسان وإنّما كعامل رئيسيّ في خلاصه.” لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضاً إن الرب يسوع في الليلة التي أُسلم فيها أخذ خبزاً وشكر فكسر وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم. أصنعوا هذا لذكري، كذلك الكأس أيضاً بعد ما تعشوا قائلاً هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي. اصنعوا هذا كلنا شربتم لذكري ” (1 كو11: 24 – 26)، هذه النّعمة لانهائية بامتياز، وعلى المسيحيّ أن ينمو باستمرار في هذه النّعمة طيلة حياته، فالإفخارستيا عربون الحياة الأبديّة. والسبّب في تقديم القداس أكثر من مرة لا يمكن تفسيره أو اعتباره نقصًا في الذّبيحة الخلاصيّة التي أتمّها المسيح، حاشا؛ وإنَّما يرجع لحاجتنا نحن في الحصول على التّقديس الدّائم.
وأخيرًا، نؤكّد على أن ذبيحة القداس تحققّ نبوءة العهد القديم: ” لأنه من مشرق الشّمس إلى مغربها اسمي عظيم بين الأمم وفي كلّ مكان يُقرب لاسمي بخور وتقدّمة طاهرة لأن اسمي عظيم بين الأمم قال رب الجنود “(ملا 1 : 11). لذا يتم تقديم ذبيحة القداس كلّ يوم في جميع أنحاء العالم، وفي كلّ قداس يقدّم المسيح نفسه لأحبائه، أيّ لخاصته، ويُحضر مفاعيل صليبه للعالم أجمع من خلال الكنيسة.