شهر مع قلب يسوع الأقدس (10)
ارتواء النفس من قلب يسوع
في حوار جميل نقله الينا يوحنا الانجيلي جرى بين يسوع والمرأة السامرية عند بئر يعقوب يدور الكلام عن الماء الذي هو عنصر اساسي للحياة، فنسمع يسوع مؤكداً يقول: “الذي يشرب من الماء الذي اعطيه اياه، فلن يعطش ابداً (يو 4: 14) فيسوع يريد دائما ان يروي قلوب محبيه، لانه يقول له المجد: “ان عطش احد فليقبل اليَّ، ومن آمن بي فليشرب، كما ورد في الكتاب: ستجري من جوفه انهار من الماء الحي”. (يو 7 : 38).
يحدث لنا كثيراً اننا نبحث عن ينابيع مختلفة نعتقد انها تروي ظمأنا: الغنى والكرامات واللذات وما الى ذلك، فنشرب ونشرب لكننا سرعان ما نعطش ثانية (يو 4 : 13) لان قلب الانسان اكبر بكثير من ان تملأه مثل هذه الامور العابرة. فيتملكه القلق ولا يرتاح راحة صحيحة الا عندما يلتقي بقلب يسوع اذ هناك يجد الراحة والاطمئنان والدفء، بعد ان يتم اللقاء الشخصي والحوار الحي بين المؤمن ويسوع، فترتوي النفس اخيرا.
يا يسوع، أنت ذو القلب الشفيق، الكلي الجودة و الصلاح. أنت تراني و تحبني. أنت رحيم وغفور، إذ لا يمكنك أن ترى الشقاء دون أن ترغب في مداواته، ها إني أضع كل رجائي فيك، وأثق أنك لن تهملني، وأن نعمك تفوق دائماً آمالي. فحقق لي يا يسوع، جميع وعودك، وامنحني النعم اللازمة لحالتي، وألق السلام في عائلتي، وعزني في شدائدي، و كن ملجأي طيلة حياتي و في ساعة موتي.
إن كنت فاتراً في إيماني فإني سأزداد بواسطتك حرارة. أو كنت حاراً فاني سأرتقي درجات الكمال. أنعم علي يا يسوع بنعمة خاصة ألين بها القلوب القاسية، و أنشر عبادة قلبك الأقدس. واكتب اسمي في قلبك المعبود، كي لا يمحى إلى الأبد. وأسألك أن تبارك مسكني حيث تكرم صورة قلبك الأقدس.
تأمل في محبة قلب يسوع لنا
ان قلب يسوع يحبنا ومن اجل حبه لنا تأنس وولد في مغارة حقيرة ومات على الصليب ليفي عن خطايانا وترك لنا ذاته في سر القربان المقدس ليغذي نفوسنا ويكون تعزيتها وخلاصها. إن قلب يسوع يحبنا مع كثرة شرورنا وخطايانا، بل يحبنا من اجل هذه الشرور والخطايا عينها ليزيلها عنا ويزكينا، لذلك ترك لنا جميع استحقاقات حياته والآمه وموته على الصليب ليغنينا بها. إن قلب يسوع يحبنا محبة جعلته يترك أباه وسماءه وملائكته ليأتي الينا ويساكننا ويضمنا الى صدره ويكون لنا ملجأ وملاذاً في محننا وتجاربنا.
إن قلب يسوع يحبنا وقد أحبنا اكثر من نفسه اذ انه بذلها عنا فوق الصليب ومن بذل نفسه عن غيره اعطاه كل شيء ولم يبق له شيئاً.
إن قلب يسوع يحبنا، لذلك لم يبال من اجل حبه لنا بكرامته ولا بمجده ولا بعظمته، فصبر على انواع الأهانات والأوجاع ولم يفتح فاه امام مقرفيه والمشتكين عليه زوراً والطالبين صلبه عوضاً عن جزيل احساناته اليهم، واليوم يصبر على هذه الأهانات وهذه الأوجاع عينها في سر القربان المقدس. فهل من حبٍ أعظم من هذا؟
وهل يسعنا بعد سماعنا كل ما تقدم عن محبة يسوع الشديدة لنا بكل محبة قلوبنا نادمين بل باكين على الأيام التي صرفناها في محبة الخليقة وأباطيل الدنيا ؟ فلنصلح اذن سلوكنا ولنرجع من كل قلبنا عن غيّنا الماضي لنحب يسوع كما أحبه القديسون.
تتلى بإستخدام المسبحة الوردية الإعتيادية، عند صليب المسبحة أتل الصلوات التالية:
يا قلب يسوع حبيبي زدني حبّاً لك. يا يسوع فاديّ إليك أسلم قلبي فضعه في قلبك فإني لا أريد أن أعيش إلا فيه. فليكن قلبي قرباناً لك. يا يسوع لك أقدّم هذه المسبحة لأستحقّ مواعد قلبك الأقدس.
على الحبات الكبيرة:
أيها الآب الأزلي، إني أقدّم لك دم سيّدنا يسوع المسيح الثمين للغاية، وفاءً عن خطايانا ولأجل احتياجات الكنيسة المقدسة.
على الحبات الصغيرة:
يا يسوع الوديع والمتواضع القلب، إجعل قلبنا مثل قلبك.
في خاتمة العشر حبّات:
يا قلب مريم الحلو، كن خلاصي.
كيرياليسون كريستياليسون كيرياليسون
يا ربّنا يسوع المسيح أنصت إلينا
يا ربّنا يسوع المسيح إستجبنا
أيّها الآب السماوي الله إرحمنا
يا ابن الله مخلّص العالم إرحمنا
أيّها الروح القدس الله إرحمنا
أيّها الثالوث القدّوس الإله الواحد إرحمنا
يا قلب يسوع ابن الله الأزلي إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المصوَّر من الروح القدس في أحشاء البتول إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المتّحد جوهريًّا بكلمة الله إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ذا العظمة غير المتناهية إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع هيكل الله المقدّس إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع خباء الربّ العليّ إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع بيت الله وباب السما إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع أتّون المحبّة المضطرم إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع منـزل العدل والمحبّة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المفعم جودًا وحبًّا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع لجّة الفضائل كلّها إرحمنــــــــــا
يا قلب يسوع الجدير بكلّ تسبحة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ملك جميع القلوب ومركزها إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الحاوي كلّ كنوز الحكمة والعلم إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع مسكن ملء اللاهوت كلّه إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع موضوع سرور الآب إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الذي من فيضه أخذنا جميعنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع رغبة الآكام الدهريّة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الطويل الأناة والكثير الرحمة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الغنيّ لكلّ من يدعونك إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ينبوع الحياة والقداسة إرحمنـــــــــــــا
يا قلب يسوع الضحيّة عن آثامنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الموسع عارًا لأجلنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المنسحق لأجل أرجاسنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المطيع حتّى الموت إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المطعون بالحربة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع مصدر كلّ تعزية إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع حياتنا وقيامتنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع صلحنا وسلامنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ذبيحة الخاطئين إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع خلاص كلّ المتوكّلين عليك إرحمنـــــــا
يا قلب يسوع رجاء الذين يموتون في محبّتك إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع نعيم جميع القدّيسين إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع حماية مكرّميك الحلوة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع تعزية الحزانى إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع قوّة الضعفاء إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ملجانا في يوم التجربة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع مستحقّ ذبيحة قلوبنا إرحمنـــــــــــا
يا حمل الله الحامل خطايا العالم أنصت إلينا
يا حمل الله الحامل خطايا العالم إستجبنا
يا حمل الله الحامل خطايا العالم إرحمنا
كيرياليسون كريستياليسون كيرياليسون
س: يا يسوع الوديع والمتواضع القلب
ج: إجعل قلبنا مثل قلبك.
يا ربّنا يسوع المسيح، يا من بمحبّة جديدة ارتضيت أن تفيض على كنيستك خيرات قلبك الإلهيّة، إمنحنا قوّة لأن نكافئ محبّة هذا القلب الأقدس، وبالكرامة الواجبة نعوّض عن الإهانات التي يفعلها جاحدو معروف هذا القلب الحزين.
أيّها الإله الأزليّ القادر على كلّ شيء، أنظر إلى قلب ابنك الحبيب وإلى الوفاء والتسابيح التي قدّمها لعزّتك عن الخطأة. فاغفر لهم إذ يطلبون رحمتك، وارضَ عنهم باسم ابنك سيّدنا يسوع المسيح، الذي معك يحيا ويملك بوحدة الروح القدس، إلى دهر الداهرين. آمين.
ليست مريم المجدلية المذكورة في الانجيل هي المرأة الوحيدة التي كانت خاطئة فتابت وغيرت حياتها كليا فانقلبت من حجر عثرة للمؤمنين الى مرآة ناصعة تعكس جمال الفضيلة لمن ينظر اليها، بل هناك من امثالها كثيرات عبر التاريخ.
وفي هذا اليوم نروي قصة فتاة اسمها مرغريت من كورتونا بايطاليا. ولدت سنة 1247 وعاشت حياة طبيعية هادئة في بيت ابويها. لكنها عندما كبرت وبلغت الثامنة عشرة من عمرها تبدلت حياتها وانقلبت رأساً على عقب، فقد اغراها جمالها الآخاذ، واعجاب الشباب بها، فتركت البيت الابوي، وذهبت تسعى وراء الشهرة وارتمت في حياة اللذة والخطيئة.
وبقيت على هذه الحالة تسع سنين. ثم تزوجت لكن زوجها قُتِلَ شر قتلة. وعندما اهتدت الى محل مصرعه راعها منظره ولامست قلبها رحمة قلب يسوع اللامحدودة فعادت الى رشدها، واعلنت على الملأ توبتها، وانخرطت في احد الاديرة تمارس اقسى انواع التوبة، مرددة: “اصلبني يا يسوع فاني استحق ذلك”.
وكانت تخدم الفقراء، ثم امضت السنوات الاخيرة من حياتها في العزلة تناجي قلب يسوع طالبة الرحمة والغفران لها وللعالم، حتى لفظت انفاسها سنة 1297 برائحة القداسة بعد ان اصبحت مثالا ً يحتذي به المؤمنون.
فعل التعويض لقلب يسوع الأقدس
يا يسوع الكلي الوداعة، يا من يقابل البشر حبه لهم العظيم، بالنسيان والإهمال والاحتقار، وقد كفروا بنعمته كفراً فظيعاً، ها نحن جاثون أمام مذبحك، نقصد بمظاهر الإكرام الخاصّة، أن نعوِّضك من ذلك الفتور المُنكر، وتلك الإهانات من كُلِّ قلبك الفائق المحبة.
وفيما نحن نقصدُ التكفير عن تلك الفضائِع بالعموم، فمُرامنا تعويضك من كل واحدةٍ منها بالخصوص: من عدم الحشمة والخلاعةِ في التبرج، من فخاخِ الفساد العديدة، المنصوبة للنفوس البريئة، من تدنيس الآحاد والأعياد، من قبيحِ التجاديف عليك وعلى قديسيك، من الشتائم المقذوف بها نائبُك ورجال الكهنوت، من إهمال سرِّ المحبة الإلهية عينهِ، وتدنيسِ قداسته الفظيع، وأخيراً من الآثام العلنيَّة، للأمم المقاومة حقوق الكنيسة التي أسستها وسلطانـَها الحقيقي.
فيا يسوع الفائق الصلاح، إنا نسألك بشفاعة القديسة مريم العذراء مثال التكفير، أن نتقبل إكرام التعويض هذا الاختياري، وتحفظنا شديدي التمسك بطاعتكَ وخدمتكَ إلى الممات، حتى إذا تنازلتَ فآتيتنا موهبة الثبات العظمى، بلغْنا جميعاً الى ذالك الوطن الذي فيه تحيا وتملك مع الآب والابن والروح القدس إلهاً الى دهر الداهرين. آمـــين.
ان كنت متعلقا بامور تسبب لك الالم والمرارة والخيبة، فاعلم ان يسوع وحده هو الينبوع الذي يروي نفسك فيجعلها حديقة جميلة مزهرة. فكر وحاول!
ياعطش الارواح ارنا محياكَ، قلبنا لن يرتاح الا بلقياكَ