شهر مع قلب يسوع الأقدس (13)
في العشاء الاخير، اجتمع يسوع للمرة الاخيرة قبل آلامه، وفي مجرى كلامه قال: “شهوة اشتهيت ان آكل هذا الفصح معكم قبل ان اتألم”. وشرع يبوح لتلاميذه كل ما في قلبه من حب لهم، ومن خلالهم الى الكنيسة على مر الازمنة، وان يهبهم عطاياه فمنحهم الكهنوت وثبتهم ووعدهم بالروح القدس، واخيرا جاد عليهم بذاته من خلال منحه جسده ودمه الاقدسين في سر القربان الاقدس: سر الايمان العظيم، ذكرى موته وقيامته. سر التقوى، وعلامة الوحدة ورباط المحبة الذي هو ايضا وليمة فصحية تفيض علينا بالنعمة وتعطينا عربون المجد الابدي.
يسوع الإله – الانسان هو معنا في سر المحبة هذا: يدعونا، ينتظرنا ويسر بلقائنا اثناء الليل واطراف النهار. هو الخبز الحي الذي يغذي نفوسنا. انه يسعد بالسويعات التي نقضيها امامه ومعه نخاطبه او نستغفره او نطلب منه او نشترك بذكرى الآمه. واذا ما اطلنا المكوث معه فليس ذلك اضاعة للوقت بل فرصة مباركة لمزيد من التأمل ولاستمداد القوة والانوار ولاستمطار البركات من قلبه الكريم.
يا يسوع، أنت ذو القلب الشفيق، الكلي الجودة و الصلاح. أنت تراني و تحبني. أنت رحيم وغفور، إذ لا يمكنك أن ترى الشقاء دون أن ترغب في مداواته، ها إني أضع كل رجائي فيك، وأثق أنك لن تهملني، وأن نعمك تفوق دائماً آمالي. فحقق لي يا يسوع، جميع وعودك، وامنحني النعم اللازمة لحالتي، وألق السلام في عائلتي، وعزني في شدائدي، و كن ملجأي طيلة حياتي و في ساعة موتي.
إن كنت فاتراً في إيماني فإني سأزداد بواسطتك حرارة. أو كنت حاراً فاني سأرتقي درجات الكمال. أنعم علي يا يسوع بنعمة خاصة ألين بها القلوب القاسية، و أنشر عبادة قلبك الأقدس. واكتب اسمي في قلبك المعبود، كي لا يمحى إلى الأبد. وأسألك أن تبارك مسكني حيث تكرم صورة قلبك الأقدس.
تأمل في الحب الأسمى
ان محبة الله لنا لم تنته الى أقصى حدودها بتجسده في احشاء مريم العذراء وبآلامه وموته على الصليب. ان هذه المحبة العظيمة والشديدة لم تكن إلا بداية لمحبة أعظم وأشد حيرت العقول، وقد أعلن لنا ربنا يسوع المسيح هذه المحبة بغايتها القصوى برسمه سر القربان المقدس.
إن المحبة تقرب القلوب بعشهما من بعض وغايتها القصوى الأتحاد باللذين تحبهم. ولما كان ربنا يسوع قد أحبنا للغاية ألجأته محبته هذه الى الأتحاد بنا فرسم لذلك سر القربان المقدس تاركاً لنا ذاته في هذا السر تحت أشكال الخبز والخمر، ويدعونا الآن الى قبوله ليحيا فينا ونحيا فيه، ليثبت فينا ونثبت فيه، فيدرك الحب غايته القصوى وندرك نحن أيضاً غاية كمالنا المسيحي. وما هذه الحياة لأجل الله إلا الحياة الحقيقية التي تولينا القداسة وتبعدنا عن النجاسة وتقيمنا في اليوم الآخر عن جنب اليمين.
لاشك ان خالق النفس على صورته ومثاله عالم بأن هذه النفس لا يشبع جوعها ولا يروي عطشها الى الخيرات والأفراح والمسرات بغيره تعالى، كما ان عطشه الى محبتنا لا يشفي غليله غير اتحادِه بنا، فقدم لذلك الينا ذاته الألهية في سر القربان الأقدس، وفي تناولنا اياه نجد كفايتنا ومسرتنا فنبتعد عن الخلائق وعن الخطيئة ونأتي بثمار كثيرة لحياة الأبد.
فيا للحب الذي يجهلهُ كثيرون ولا يعرفه غير القليلين. واليوم تهدينا الى معرفته عبادة قلب يسوع الأقدس وتدعونا في الوقت نفسه الى مقابلته بتناولات مستمرة.
تتلى بإستخدام المسبحة الوردية الإعتيادية، عند صليب المسبحة أتل الصلوات التالية:
يا قلب يسوع حبيبي زدني حبّاً لك. يا يسوع فاديّ إليك أسلم قلبي فضعه في قلبك فإني لا أريد أن أعيش إلا فيه. فليكن قلبي قرباناً لك. يا يسوع لك أقدّم هذه المسبحة لأستحقّ مواعد قلبك الأقدس.
على الحبات الكبيرة:
أيها الآب الأزلي، إني أقدّم لك دم سيّدنا يسوع المسيح الثمين للغاية، وفاءً عن خطايانا ولأجل احتياجات الكنيسة المقدسة.
على الحبات الصغيرة:
يا يسوع الوديع والمتواضع القلب، إجعل قلبنا مثل قلبك.
في خاتمة العشر حبّات:
يا قلب مريم الحلو، كن خلاصي.
كيرياليسون كريستياليسون كيرياليسون
يا ربّنا يسوع المسيح أنصت إلينا
يا ربّنا يسوع المسيح إستجبنا
أيّها الآب السماوي الله إرحمنا
يا ابن الله مخلّص العالم إرحمنا
أيّها الروح القدس الله إرحمنا
أيّها الثالوث القدّوس الإله الواحد إرحمنا
يا قلب يسوع ابن الله الأزلي إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المصوَّر من الروح القدس في أحشاء البتول إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المتّحد جوهريًّا بكلمة الله إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ذا العظمة غير المتناهية إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع هيكل الله المقدّس إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع خباء الربّ العليّ إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع بيت الله وباب السما إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع أتّون المحبّة المضطرم إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع منـزل العدل والمحبّة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المفعم جودًا وحبًّا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع لجّة الفضائل كلّها إرحمنــــــــــا
يا قلب يسوع الجدير بكلّ تسبحة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ملك جميع القلوب ومركزها إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الحاوي كلّ كنوز الحكمة والعلم إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع مسكن ملء اللاهوت كلّه إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع موضوع سرور الآب إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الذي من فيضه أخذنا جميعنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع رغبة الآكام الدهريّة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الطويل الأناة والكثير الرحمة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الغنيّ لكلّ من يدعونك إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ينبوع الحياة والقداسة إرحمنـــــــــــــا
يا قلب يسوع الضحيّة عن آثامنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الموسع عارًا لأجلنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المنسحق لأجل أرجاسنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المطيع حتّى الموت إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المطعون بالحربة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع مصدر كلّ تعزية إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع حياتنا وقيامتنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع صلحنا وسلامنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ذبيحة الخاطئين إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع خلاص كلّ المتوكّلين عليك إرحمنـــــــا
يا قلب يسوع رجاء الذين يموتون في محبّتك إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع نعيم جميع القدّيسين إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع حماية مكرّميك الحلوة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع تعزية الحزانى إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع قوّة الضعفاء إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ملجانا في يوم التجربة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع مستحقّ ذبيحة قلوبنا إرحمنـــــــــــا
يا حمل الله الحامل خطايا العالم أنصت إلينا
يا حمل الله الحامل خطايا العالم إستجبنا
يا حمل الله الحامل خطايا العالم إرحمنا
كيرياليسون كريستياليسون كيرياليسون
س: يا يسوع الوديع والمتواضع القلب
ج: إجعل قلبنا مثل قلبك.
يا ربّنا يسوع المسيح، يا من بمحبّة جديدة ارتضيت أن تفيض على كنيستك خيرات قلبك الإلهيّة، إمنحنا قوّة لأن نكافئ محبّة هذا القلب الأقدس، وبالكرامة الواجبة نعوّض عن الإهانات التي يفعلها جاحدو معروف هذا القلب الحزين.
أيّها الإله الأزليّ القادر على كلّ شيء، أنظر إلى قلب ابنك الحبيب وإلى الوفاء والتسابيح التي قدّمها لعزّتك عن الخطأة. فاغفر لهم إذ يطلبون رحمتك، وارضَ عنهم باسم ابنك سيّدنا يسوع المسيح، الذي معك يحيا ويملك بوحدة الروح القدس، إلى دهر الداهرين. آمين.
جاء في حياة كاترينا السيانية (ايطاليا 1347- 1380) المنتمية الى رهبانية القديس عبد الأحد ان قلبها كان شبيهآ بقلب يسوع الأقدس، أي متواضعاً، وديعاً، ومجرداً من محبة الخلائق وخيرات الأرض، وكانت على جانب كبير من الجمال الطبيعي، فخطبها شاب كريم الأصل والأخلاق وكثير الغنى والأملاك، وألح عليها ابواها بقبول هذا النصيب، غير انها أبت إلا التبتل وصرحت بفكرها لأبويها قائلة: ان لي عروساً لا أفضّل عليه احداً، ولبثت ثانية في عزمها على ان لا يكون لها عروس غير يسوع وحده.
فغضب عليها أبواها وصارا يعاملانها شر معاملة. أما يسوع فسر بغرام كاترينا عروسه كل السرور وأراد ان يرفعها الى كمال أرفع من كمالها الأول، فكان قد جعلها شبيهة به في فضائله، اراد الآن ان يجعلها شبيهه به في احزانه وآلامه ايضاً. فظهر لها ذات يوم وفي يده اكليلان الواحد من ورود والثاني من أشواك، وقال لها: “يا إبنتي اتيتك بأكليلين يجب حملهما الواحد تلو الأخر فاختاري أيا تريدين أولاً”. تناولت القديسة كاترينا أكليل الشوك ووضعته على رأسها بشدة قائلة: “هذا نصيبي في هذه الدنيا على مثالك يا حبيبي”.
أنا (فلان) أهبُ وأكرّس لقلب ربّنا يسوع المسيح الأقدس ذاتي، وحياتي، وأعمالي ومشقّاتي وآلامي، حتّى لا أستخدم أيّ جزء من كياني إلاّ ليكرّمه ويحبّه ويمجّده. هي ذي إرادتي التي لا رجوع عنها، أن أكون له بكلّيتي، وأن أعمل كلّ شيء حبًّا به، نابذًا من كلّ قلبي كلّ ما لا يرضيه، إنّي أتّخذك إذن، يا قلب يسوع الأقدس، موضوعًا وحيدًا لحبّي، وحارسًا لحياتي، وضمانة لخلاصي، ودواءً لضعفي، وعدم ثباتي، ومصلحًا لكلّ عيوب حياتي، وملاذًا أكيدًا لي عند ساعة الموت.
كن إذن، أيّها القلب الوديع مبرّرًا لي تجاه الله أبيك، وأمِلْ عنّي سهام غضبه العادل، يا قلب الحبّ، إنّي أضع كلّ رجائي فيك، لأنّي أخاف كلّ شيء من شرّي وضعفي، ولكنّي أرجو كلّ شيء من حنوّك. فافنِ إذن فيّ كلّ ما يمكن أن لا يرضيك أو أن يقاومك وليطبع الحبّ الصافي صورتك في أعماق قلبي حتّى لا أنساك أبدًا، ولا أفترق عنك، واستحلفك بكلّ ألطافك أن يكون إسمي محفورًا فيك، لأنّي أريد أن أضع كلّ سعادتي وكلّ مجدي في أن أعيش وأن أموت كخادم لك. آمين
أقترب من مائدة الرب لتزداد حباً له.
يا جسد المسيح خلصني.
راحتي في قلبك يا يسوع
راحتي في قلبك يايسوع