شهر مع قلب يسوع الأقدس (9)
التقدمة اليومية مع القلب الاقدس
عندما حل ملء الزمان (غلا 4 : 4) واراد الكلمة ان يخترق تاريخ البشرية متأنساً، متخذاً جسداً كجسدنا يجري في عروقه دم كدمنا فيكون “مشابها اخوته في كل شيء ما عدا الخطيئة، ليكون حبرا اي وسيطا رحيماً، امينا ً لدى الله” (عبر 2 : 17). ومنذ مطلع حياته حمله والداه الى الهيكل فقرباه لابيه السماوي، فاعطاه مثالا لتقدمة الذات لله،
وبهذا المعنى نفهم تعليم القديس بولس عندما يكتب الى المؤمنين في روما: “اسألكم ايها الاخوة، برأفة الله، ان تجعلوا من انفسكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله. فهذه هي عبادتكم الروحية”. (روما 12 :1)
ويردد المجمع الفاتيكاني الثاني صدى هذا القول عندما يعلمنا: “بان جميع نشاطات المؤمنين وصلواتهم ومشاريعهم الرسولية وحياتهم الزوجية والعائلية، واعمالهم اليومية وتسلياتهم العقلية والجسدية اذا هم عاشوها بروح الله، بل حتى محن الحياة اذا تحملوها بطول اناة، كل هذا يستحيل قرابين روحية مرضية لله بيسوع المسيح”.
من الممكن اذاً ان نجعل الحياة فعل عبادة لله، وهذه هي روحية التقدمة اليومية المطلوبة من محبي القلب الاقدس: “ان اقدم جميع صلواتي واعمالي وافراحي والآمي على نيات القلب الاقدس متحدا بتقدمة الذبيحة الالهية”. وان اقدمها وفاء عن خطاياي، وتعويضا عن خطايا اخوتي البشر، آمين.
يا يسوع، أنت ذو القلب الشفيق، الكلي الجودة و الصلاح. أنت تراني و تحبني. أنت رحيم وغفور، إذ لا يمكنك أن ترى الشقاء دون أن ترغب في مداواته، ها إني أضع كل رجائي فيك، وأثق أنك لن تهملني، وأن نعمك تفوق دائماً آمالي. فحقق لي يا يسوع، جميع وعودك، وامنحني النعم اللازمة لحالتي، وألق السلام في عائلتي، وعزني في شدائدي، و كن ملجأي طيلة حياتي و في ساعة موتي.
إن كنت فاتراً في إيماني فإني سأزداد بواسطتك حرارة. أو كنت حاراً فاني سأرتقي درجات الكمال. أنعم علي يا يسوع بنعمة خاصة ألين بها القلوب القاسية، و أنشر عبادة قلبك الأقدس. واكتب اسمي في قلبك المعبود، كي لا يمحى إلى الأبد. وأسألك أن تبارك مسكني حيث تكرم صورة قلبك الأقدس.
تأمل في أن قلب يسوع مثالٌ للطاعة
طاعتُنا المسيحية الحقّة هي في الخضوع لإرادة الله. فلوقا الإنجيلي يقول عن يسوع: ثمَّ نزل معهما وأتى الناصرة وكان خاضعاً لهما (لو 51:2) مطيعاً لمربّيهِ يوسف ولأمِّه مريم وكما كان مطيعاً لوالدَيه الزمنيين كان يعمل مشيئةَ أبيه السماوي ومطيعاً له إذ قال: “إنّ طعامي أنْ أعمَلَ مشيئةَ مَنْ أرسلَني وأُتمِّمَ عملَه” (يو 34:14) ويدعو البشر أجمعين إلى حمل هذه الصفة وهي أعظم الوسائط التي تقرّب البشر من قلبِه الإلهي في إتمام رغبات أبيه السماوي “لأن كل مَن يعمل مشيئة أبي الذي في السماوات هو أخي وأختي وأمي” (متى 50:12).
وفي ساعات النزاع في بستان الزيتون بيّن لنا يسوع بحبِّ قلبِه صفة الطاعة التي يحملُها تجاه الآب السماوي إذ كان يردِّد في البستان “يا أبتي إنْ كان مستطاعاً أنْ تعبُرَ عنّي هذه الكأس ولكن لا مشيئتي بل مشيئتُكَ” (متى 42:26). وبلغتْ محبتُه للطاعة إلى سَفْكِ دمِهِ على الصليب لأجلِ خلاصِنا جميعاً إذ يقول بولس الرسول “وَضَعَ نفسَه وصار يطيعُ حتى الموت موت الصليب”… وبطاعتِهِ هذه فتح طريقَ السماء لجميع البشر فهو الذي قال “أنا الطريق والحق والحياة” (يو 6:14) مما يدلُّنا على أنّ الطاعة يجب أنْ تكون للوالدَين وللرؤساء الروحيين والزمنيين لأنها تقودُنا إلى احترام المطاع الذي له السلطة، وكل سلطة تكون من الله لأنه هو مصدر كل سلطان في الأرض والسماء.
تتلى بإستخدام المسبحة الوردية الإعتيادية، عند صليب المسبحة أتل الصلوات التالية:
يا قلب يسوع حبيبي زدني حبّاً لك. يا يسوع فاديّ إليك أسلم قلبي فضعه في قلبك فإني لا أريد أن أعيش إلا فيه. فليكن قلبي قرباناً لك. يا يسوع لك أقدّم هذه المسبحة لأستحقّ مواعد قلبك الأقدس.
على الحبات الكبيرة:
أيها الآب الأزلي، إني أقدّم لك دم سيّدنا يسوع المسيح الثمين للغاية، وفاءً عن خطايانا ولأجل احتياجات الكنيسة المقدسة.
على الحبات الصغيرة:
يا يسوع الوديع والمتواضع القلب، إجعل قلبنا مثل قلبك.
في خاتمة العشر حبّات:
يا قلب مريم الحلو، كن خلاصي.
كيرياليسون كريستياليسون كيرياليسون
يا ربّنا يسوع المسيح أنصت إلينا
يا ربّنا يسوع المسيح إستجبنا
أيّها الآب السماوي الله إرحمنا
يا ابن الله مخلّص العالم إرحمنا
أيّها الروح القدس الله إرحمنا
أيّها الثالوث القدّوس الإله الواحد إرحمنا
يا قلب يسوع ابن الله الأزلي إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المصوَّر من الروح القدس في أحشاء البتول إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المتّحد جوهريًّا بكلمة الله إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ذا العظمة غير المتناهية إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع هيكل الله المقدّس إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع خباء الربّ العليّ إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع بيت الله وباب السما إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع أتّون المحبّة المضطرم إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع منـزل العدل والمحبّة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المفعم جودًا وحبًّا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع لجّة الفضائل كلّها إرحمنــــــــــا
يا قلب يسوع الجدير بكلّ تسبحة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ملك جميع القلوب ومركزها إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الحاوي كلّ كنوز الحكمة والعلم إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع مسكن ملء اللاهوت كلّه إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع موضوع سرور الآب إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الذي من فيضه أخذنا جميعنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع رغبة الآكام الدهريّة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الطويل الأناة والكثير الرحمة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الغنيّ لكلّ من يدعونك إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ينبوع الحياة والقداسة إرحمنـــــــــــــا
يا قلب يسوع الضحيّة عن آثامنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الموسع عارًا لأجلنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المنسحق لأجل أرجاسنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المطيع حتّى الموت إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المطعون بالحربة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع مصدر كلّ تعزية إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع حياتنا وقيامتنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع صلحنا وسلامنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ذبيحة الخاطئين إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع خلاص كلّ المتوكّلين عليك إرحمنـــــــا
يا قلب يسوع رجاء الذين يموتون في محبّتك إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع نعيم جميع القدّيسين إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع حماية مكرّميك الحلوة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع تعزية الحزانى إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع قوّة الضعفاء إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ملجانا في يوم التجربة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع مستحقّ ذبيحة قلوبنا إرحمنـــــــــــا
يا حمل الله الحامل خطايا العالم أنصت إلينا
يا حمل الله الحامل خطايا العالم إستجبنا
يا حمل الله الحامل خطايا العالم إرحمنا
كيرياليسون كريستياليسون كيرياليسون
س: يا يسوع الوديع والمتواضع القلب
ج: إجعل قلبنا مثل قلبك.
يا ربّنا يسوع المسيح، يا من بمحبّة جديدة ارتضيت أن تفيض على كنيستك خيرات قلبك الإلهيّة، إمنحنا قوّة لأن نكافئ محبّة هذا القلب الأقدس، وبالكرامة الواجبة نعوّض عن الإهانات التي يفعلها جاحدو معروف هذا القلب الحزين.
أيّها الإله الأزليّ القادر على كلّ شيء، أنظر إلى قلب ابنك الحبيب وإلى الوفاء والتسابيح التي قدّمها لعزّتك عن الخطأة. فاغفر لهم إذ يطلبون رحمتك، وارضَ عنهم باسم ابنك سيّدنا يسوع المسيح، الذي معك يحيا ويملك بوحدة الروح القدس، إلى دهر الداهرين. آمين.
روى ان سيداً شريفاً زار ذات يوم راهباً وقصّ عليه احواله السيئة التي أوصله اليها ضعف تربيته لأبنته الوحيدة بعد وفاة والدتها، فأنها تسلطت عليه واخذت تعامله معاملة السيد الغريب لا معاملة أب، إذ لم يكن لها رغبة إلا في الملاهي الدنيوية وتبديد ثروته في الأزياء الحديثة وغيرها من الأباطيل. فذات يوم أنحرف مزاجها فطلب أبوها بالحاح الى الراهب ان يأتي لزيارتها. فوجد الراهب هذه الفرصة سانحة ليريها الحقائق فقال لها: اعلمي يا فتاة انك اذا واصلتِ سيركِ في طريقكِ هذا انتهيت الى الجحيم. فأمتعضت الفتاة من هذا الكلام وأجابت الراهب: أني لا أريد موعظتك. اني شريفة النسب وغنية وشابة ولا رغبة لي البتة في أن أحيا حياة راهبة. أجاب الراهب: أني لعالم بأن ليس لدي أدنى حق في ان افرض عليكِ شيئاً، ولكن أبوسعكِ ان ترفضي عليّ سؤالاً ما ؟ أجابت : قل ماذا تطلب.
قال الراهب: أني اريد ان تعديني وعداً سهلاً جداً. أجابت: وماهو؟ أني لا أمتنع عنه اذا كان سهلاً كما تقول. فأخذ إذ ذالك الراهب من كتاب صلاة الفرض صورة صغيرة لقلب يسوع الأقدس وقال للفتاة: كل ما أطلبه هو ان تقولي كل يوم صباحاً لمدة تسعة أيام متوالية (المجد للآب) امام هذه الصورة وانت راكعة.
فأمتقع لون الفتاة من هذا الكلام واخذت الصورة قائلة: نعم اني افعل ذلك. وكانت النعمة قد بدأت تغير قلبها العاصي.
وفي الغد جاء الوالد عند الراهب وقال له: ماذا حدث أمس بينك وبين أبنتي، فمنذ ذهابك عنها لم تزل راكعة تذرف الدموع؟ فأجاب: هذا عمل قلب يسوع الأقدس. وفي ذلك المساء ذهبت الفتاة واعترفت بجميع خطاياها. وبعد مدة شهر أستلم الراهب رسالة طافحة بالشكر من التي خلصها وأعلمته بأنها هجرت الدنيا ودخلت الدير. وبعد سنة ونصف أستلم الراهب رسالة اخرى اجمل من الأولى كتبتها الفتاة يوم جهرت بنذورها الرهبانية.
فيا لها نفس مغبوطة لا تحب الآن غير قلب يسوع الأقدس وفيه وجدت السعادة الراهنة.
فعل التكريس اليومي ليسوع بواسطة مريم
يا مريم أمي، أجدِّد وأثبِّت اليوم بين يديك نذوري بسرّ المعمودية. فأكفر بالشيطان وبأعماله وترّهاته، وأكفر بالجسد والعالم وبذاتي، فأهبها بجملتها ليسوع المسيح. الحكمة الالهية، لكي أحمل صليبي وأتبعه طول الايام. وإنني أختارك اليوم، في حضرة البلاط السماوي أجمعه، أماً لي وملكةً عليّ وأهبك جسدي ونفسي وخيراتي الداخليّة والخارجيّة، وقيمة أعمالي الحسنة ذاتها، الماضية والحاضرة والمستقبلة جميعها، وأكرِّسها لكِ بكل تسليم وحبّ تاركاً لكِ ملء الحق بأن تتصرفي بي وبكل ما يعود لي بدون استثناء وبحسب هواك، لمجد الله، في هذا الزمن وفي الابدية، آمين.
تعلم صلاة التقدمة اليومية وحاول ان تتلوها يوميا
يا قلب يسوع المستحق كل حمد وثناء ارحمنا