قيام كثيرين وسقوط كثيرين
قيام كثيرين وسقوط كثيرين
كُتيب من أصدارات أسرة القديس توما الأكويني
من هي أسرة القديس توما الإكوينى؟
مجموعة من شباب كاتدرائية يسوع الملك للأقباط الكاثوليك بالمنيا، مصر. أخذوا على عاتقهم نشر الفكر الكاثوليكي في العديد من القضايا بين شعب الكنيسة. فقاموا بتكوين أسرة القديس توما الإكويني (هذا القديس الذي كان له دور كبير في اللاهوت المسيحي الكاثوليكي) ومن خلالها تقوم الأسرة بإصدار مجموعة من الكتيبات المخصصة لهذا الغرض. وليس الهدف هو مجد الكنيسة الكاثوليكية في حد ذاتها بل الهدف هو مجد المسيح فهم لا يهدفون إلى إرساء قواعد التعصب بل إلى محاولة فهم الذات جيداً كي ينطلقون من ذواتهم إلى الخدمة والمحبة نحو الآخرين.من هو القديس توما الإكوينى؟
توما الإكوينى (Thomas d`Aquin)، الذي عاش في منتصف القرن الثالث عشر (1225 – 1274) وترك تراثاً لاهوتياً عظيماً أثر طويلاً ومازال يؤثر في فكر الكنيسة الكاثوليكية . وتُعتبر ” الخلاصة اللاهوتية ” (La somme Théologique) أعظم مؤلفاته. ويمكننا تلخيص موقفه اللاهوتي في أن الله هو مصدر جميع الأشياء ومركزها، وبالتالي فالإنسان وكل موجود يجد معناه الحقيقى والعميق من خلال علاقته الأساسية مع الله ، ويبقى توما الأكوينى مثالاً حياً في منهجه الذي يحترم الواقع الإنساني احتراماً كبيراً، وينهل من العلوم الإنسانية المعروفة في زمنه، والفكر اللاهوتي المتاح له، دون التنكر للمفكرين الأخلاقيين غير المسيحيين أمثال شيرشون Circéron ). (عن كتاب مدعوون إلى الحرية. للأب نادر ميشيل اليسوعي)
المقدمة:
طفل صغير يحملونة إلى الهيكل لُيقدم لله حسب ناموس موسى.. لا شىء في الظاهر يلفت الإنتباة إلى هذا الطفل، أمرأة فقيرة تحملة على ذراعيها يرافقها نجار ، هذة كل الحاشية – يمامتان – الضرورية اللازمة للتقدمة، الأثرياء يقدمون حملاً ولكن ذلك ليس بمقدورهما، ولو قدر لكم أيها الأخوة أن تكونوا ساعتها في الهيكل هل كنتم تصدقون أن هذا الطفل المغمور سينهض بالعالم ذات يوم؟ أما كنتم تبتسمون عند سماعكم هذا الشيخ الذي كان ينتظر من زمان المسيح الآتي، فإذا به يرى بعينية المستنيرين بالروح القدس حياة هذا الطفل كلها: معجزاته، كلماته، موته، وعبادته فيهتف بفرح قائلاً: “أن هذا الطفل موضوع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل وهو علامة من الله يقاومونها” (لو 2: 34)
لقد تم ذلك في الماضى ويتم اليوم أيضاً وهذا ما أريد تباينة في هذا الكتيب أن أبين كيف مر وجة الرب البهي أمام الملوك والشعوب والأفراد ظافراً طوال أجيال ، وسوف أبرهن هذة الحقيقة المزدوجة:
† من يقاوم المسيح يهلك
† من يجاهد تحت رايته ينتصر
ولكي يكون البحث شيقاً فسأستخدم أسلوب متناوب أي سأذكر مرة حالة قيام ومرة حالة سقوط، وفي القيام سأستخدم علامة (↑) و في السقوط سأستخدم علامة (↓) وسأبدأ مع الرب في الإنجيل مروراً بالقرون الأولى بعد المسيح، إنتهائاً بتاريخ الكنيسة كله.
المسيح هو نفسه القيامة
وقبل الخوض في أن الرب قيام وسقوط كثيرين، كان يتحتم علىّ أن أوضح أن الرب نفسه هو (القيامة والحياة)، يقول الأب جميل نعمة الله السقلاوي اللعازري في كتابه (هذا إيماني): “أن يكون في صميم ديانة ما، الاعتقاد بأن إنساناً قد قام حياً من بين الأموات فرآه شهود ولمسوه وأكلوا معه، هذا ما لا مثيل له في التاريخ”.
كان أحد المفكرين الشيوعيين يلقي في موسكو محاضرة قاسية اللهجة ضد الاعتقادات الدينية . فقال: “إن هذه الاعتقادات خرافات بالية قضى عليها العقل البشريّ لما كشف النقاب بالعلم”. كان يتكلم ويجود، يصول ويجول، والسكوت مهيمن على الجمهور في القاعة الكبيرة. فاعتقد أنه أقنع مستمعيه ولم يترك لهم مجالاً للاعتراض. وإذ بروسي مسيحي يطلق الصوت عالياً ويقول “ولكن ، يا أستاذ المسيح قام ! حقاً قام”، نزلت عليه الصرخة كالماء البارد …
نعم، المسيح قام، حقاً قام. وإن قيامته وخزة في عيون المتفلسفين، كما هي إشعاع نور في عيون المؤمنين. لا بل هي كل الرجاء وكل الأمل لنا نحن الذين كان محكوم علينا بالموت الأبدي.
أجل لو لم يقم المسيح لما كانت قيامة لأحد، ولما كان حكم الموت الأبدي قد أُزيل، بل كان العالم قد ظل بلا هدف ولا اتجاه، فالمسيح قام ونحن أيضاً معه قائمون ونحن لذا أسعد الناس أجمعين فمصدر الكآبة فكرة الموت. والموت، مصدره الخطيئة. لكن المسيح بطاعته حتى الموت وبقيامته، تغلب على الخطيئة والموت، ونحن معه غالبون.
قيام وسقوط كثيرين في الإنجيل
“لا تظنوا أني جئت لألقي سلاماً على الأرض . ماجئت لألقي سلاماً بل سيفاً”
(مت 10 : 34)
من الوهلة الأولى قد يفهم البعض هذه الآية فهماً خاطئاً، قد يتبادر إلى الذهن أن الرب يسوع جاء ليلقي السيف والحرب، ولكن عندما نتأمل شخصيته وحياته وتعليمه نجده عكس ذلك تماماً، فمعني هذه الآية يُلخص في بحثنا في هذا الكتيب أن الرب سيف وسقوط للإنسان الذي يرفضه، ليس هذا عيباً في الرب ولكن رفضنا للمسيح هو جهنم بعينها إذ نرفض برفضه القيامة والحياة ومصيرنا السقوط الابدي، أما قبولنا للرب وحياتنا معه واتحادنا به من خلال الكنيسة والأسرار المقدسة وحياة الصلاة فهو اختيار للقيامة والحياة الأبدية. وساذكر الآن مثالين من الإنجيل لأوضح فكرتي وعلى منواليهما سيستمر الكتيب بنعمة الرب يسوع:
† المسيح قيام لعازر وسقوط يهوذا
† المسيح قيام اللص اليمين وسقوط اللص الآخر
المسيح قيام لعازر ↑
“فلما أتي يسوع وجد أنه قد صار له أربعة أيام في القبر. وكانت بيت عينيا قريبة من أورشليم نحو خمسة عشرة غلوة. وكان كثيرون من اليهود قد جاءوا إلى مرثا ومريم ليعزوهما عن أخيهما…….. فقال لها يسوع أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا. وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد . أتؤمنين بهذا….. بكي يسوع…. ورفع يسوع عينيه إلى فوق وقال أيها الآب أشكرك لأنك سمعت لي. وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي. ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت. ليؤمنوا أنك أرسلتني. ولما قال هذا صرخ بصوت عظيم لعازر هلم خارجاً. فخرج الميت ويداه ورجلاه مربوطات باقمطة ووجهه ملفوف بمنديل. فقال لهم يسوع حلوه ودعوه يذهب” (يو 12)
جرت هذه المعجزة في قرية “بيت عينيا” على بعد ثلاثة كيلومترات من أورشليم، والتي تغير اسمها إلى قرية “اللعازرية” بسبب المعجزة التى جرت فيها. حدثت هذه المعجزة مع أسرة تحب المسيح وأحبها هو أيضاً كان لعازر الأخ الأكبر لهذه العائلة، ومعنى اسمه “الله عون”. وكان الله في عونه حقاً يوم عرفه به وأعطاه الحياة الجديدة، ثم لما أعاد له الحياة الجسدية بإقامته من الموت، ثم يوم أقام ضيفاً في بيته. ومرثا هي الأخت الكبرى، واسمها سرياني معناه “سيدة” وهو نفس الاسم “كيرية” في اللغة اليونانية، وكانت سيدة البيت المسئولة عنه، وطالما استضافت المسيح. ومريم الأخت الصغرى ومعنى اسمها “مُرة” وهي التي دهنت الرب بالطيب ومسحت رجليه بشعرها (مت 26 : 6 – 13).
لما سمع المسيح عن مرض لعازر وعرف أن الأختين تعبتا وتتألمان، ولكنه لم يسرع، فالمسيح يعلم ما وراء كل أزمة نمر بها، ويسمح بها لأنه يريد أن يتمجد فينا ويمجدنا. كان سلطان الرب يسوع واضحاً على الأرواح، في عودة روح لعازر إلى جسده بعد أن فارقته أربعة أيام. وكان سلطانه على الأجساد واضحاً حين قام الجسد سليماً بعد أن أنتن.
أصبح لعازر فيما بعد أسقف لمدينة سيتيوم، وهي اليوم لارنكا في قبرص حيث اُكتشف قبره سنة 890 وُقلت رفاته إلى القسطنطينية ثم نقلها الفرنسيون إلى مرسيليا، ويعتبر القديس لعازر شفيع مرضى الجزام.
المسيح سقوط يهوذا ↓
كان أول ذكر ليهوذا الإسخريوطي في الإنجيل هو أثناء اختيار يسوع لتلاميذه الإثني عشر ، وكان يسوع يعرف دائماً بأن يهوذا سيخونه ” أَجابهم يسوع : ” أَلَيس أَني أَنا اختَرتكم، الاِثثي عشر؟ وواحد منكم شيطَانٌ قال عن يهوذا سمعان الإسخريوطي، لأن هذا كَان مزمعاً أَن يُسَلِّمَه، وهو واحد من الاِثني عشر” وكان المسيح قد أوكل ليهوذا الإسخريوطي مهمة حفظ ماله ومال التلاميذ فكان صندوق المال عنده وكان يسرق منه ” فَقَالَ واحد من تلاميذه، وهو يهوذا سمعان الإسخريوطي، المزمع أَن يُسَلِّمَه: (( لماذَا لم يبع هذا الطيب بثلاثمئة دينار ويعط للفقَراء؟ )) قَال هذا ليس لأَنه كَان يبالي بِالفقَراء، بل لأَنه كَان سارقاً، وكَان الصندوق عنده، وكَان يحمل ما يلقَى فيه “.
ثم اتفق يهوذا مع رؤساء كهنة اليهود على أن يسلم لهم المسيح مقابل ثلاثين قطعة فضة في مكان خلاء لأن اليهود كانوا يخشون القبض على يسوع في النهار أمام الجموع لئلا يثوروا ضدهم ، وكان يهوذا يعرف الأماكن التي اعتاد يسوع على الاختلاء بها بتلاميذه كبستان جثسيماني، وأثناء العشاء الأخير اعلن يسوع للتلاميذ عن أن واحدا منهم سيسلمه لحكم الموت لتكتمل جميع النبوات ” وفيما هم يأكلون قَال: ((الحق أقول لَكم: إِن واحدا منكم يُسَلِّمني)). فحزنوا جدا ، وابتدأ كل واحد منهم يقول له: ((هل أنا هو يا رب؟)) فأجاب وقَال : ((الذي يغمس يده معي في الصحفة هو يُسَلِّمُني! إِن ابن الإنسان ماضٍ كَما هو مكتوب عنه ،ولَكن ويل لذَلك الرجل الذي به يُسَلَّمُ ابن الإنسانِ. كَان خيراً لذَلك الرجل لو لم يولد!)). فسأل يهوذا مُسَلِّمُهُ وقال : ((هل أنا هو يا سيدي؟)) قَال له: ((أنت قلت)) ، ثم دخل الشيطان قلب يهوذا “
كان يهوذا يعرف بطبيعة الحال الأماكن التي أعتاد يسوع أن يختلي فيها بتلاميذه فدلَّ اليهود على مكانهم في بستان جثسيماني وكان قد أتفق معهم مسبقاً بأن الذي سيقبله سيكون هو يسوع الناصري وعندما وصلوا قال له يسوع جملته المشهورة ” يا يهوذا، أَبِقبلةٍ تُسَلِّمُ ابن الإنسانِ؟ ” وبعد أن ألقى اليهود أيديهم على يسوع ندم يهوذا لأنه سلمه وأعاد الفضة للكهنة وذهب وشنق نفسه فابتاع رؤساء الكهنة بتلك الفضة حقل الفخاري الذي سمي “حقل الدم”، ويصف الرسول بطرس في سفرأعمال الرسل الطريقة التي مات بها يهوذا فيقول ” فَإِن هذا اقتنى حقلا من أجرة الظلم وإِذ سقط على وجهِه انشق من الوسط فانسكَبت أحشاؤه كلها”.
↑ المسيح قيام وسقوط اللصين ↓
† من ميمر لمار إفرام السرياني:
رأيت ثلاثة مصلوبين ، لايشبه أحدهم الآخر، فالذي عن اليمين حيٌّ غير مائت ، والذي عن اليسار ميت لا حيّ واما الذي في الوسط فأدهشني ، يشبه الميت وهو حيٌّ ويشبه الحيّ وهوميت ، يشبه الانسان وهو اللــه ، تأمل يا أخي في هذا المشهد وأرسم صورة بالروح كما شاهدها ذلك الخاطئ بعد أن برق النور في عينيه ، إنها صورة ميزان العدالة والحق معلقاً على باب محكمة العدل الإلهي، فعمود الوسط هو العدل مُشرع الشرائع وقوانين العدل ، مرتكزاً بعمق الحياة قاتلاً الموت الظالم. الحق والعدل مصلوباً مهاناً، مرذولاً تاجه إكليل الآلم وجنبه ينزف دماً وماء ليغسل أوساخ الظلم والخطيئة ، ليمحو كتابة القتل والانتقام والثأر وبالدم يكتب كلمة واحدة ألا وهي المحبة . الحاكم الديان العادل الذي لايقبل الرشوة ولا يحابي الوجوه، لَم ولَن ينافق أحداً. ها هو معلقاً على خشبة العار وكأن الشر قد انتصر في المعركة لأنه ينظر إلى بالوعة الجيف جهنم مثوى الأموات ورائحتها قد اسكرت شهوته فيترنح ليسقط ويحترق هناك ويتحول إلى رماد أسود وينتهي إلى الأبد . كفتيّ الميزان تتأرجح لجهة ما ،مهتزة نحو اليمين ونحو اليسار مرتجفة خائفة من صوت الحق الذي زلزل السماء والأرض، كفة اليسار فيها راكب حصان الكبرياء وفمه يزبد ويعربد واوساخاً تخرج منه وثعابين شر سمومها قاتلة لمن يتذوقها ومن ثِقل تجديفه انزلق وسقط في جحيم النار، وكفة اليمين فيها لص خاطئ تائب يرى المشهد بالروح على حقيقته المخفية للعميان ، ادرك ان المصلوب هو ابن اللـه وتحقق انه ملك الملوك، نادم ومن كثرة ندامته تحرر من إثم حماقاته فتأرجحت كفته لملئها من نور الغفران الذي ناله من الحاكم العادل الديان في كل الأزمان والأوقات.
“أنت اليوم تكون معي في الفردوس”
قيام وسقوط كثيرين في حياة الشعوب
المسيح سقوط لليهود 70 م ↓
أول شعب قاوم المسيح كان الشعب اليهودى الرب أٌرسل إليه أولاً ولكنه لم يقبله بل زاد على ذلك أنه إضطهده حتى الموت فتمت فيه لأول مرة كلمات سمعان الشيخ “موضوع لسقوط كثيرين” بعد موت المسيح ببضع سنوات دمرت مملكة اليهود ولكن أى دمار!! في الحرب العالمية الأولى شاهدنا أهوال الرعب ولكن ما حدث في أورشليم المحاصرة من الرومان لم يحدث مثله لربما في التاريخ، قرأنا حوادث مرعبة جرت في الحرب العالمية الأولى ولكننا لم نسمع قط أن مدينة ما منيت بذات الوقت بالطاعون و المجاعة والفتنة الداخلية والعدو الخارجى.
القائد الرومانى تيطس ضرب الحصار حول أورشليم الأنبياء الكذبة يزرعون البلبة في المدينة، الطاعون يفتك بالشعب والمجاعة تسلب لب الكثيرين.
أخيراً أصبحت المقاومة ضرباً من المستحيل، الجنود الرومان يدخلون إلى المدينة و المجزرة الرهيبة، المدينة تشتعل كلها وعيال بأكملها تذهب طعم النيران.
في العاشر من أغسطس من السنة السبعين، كتب أحد المؤرخين طلعت الشمس على دخان خرائب المدينة، في شهور قليلة هلك أكثر من مليون يهودى، يالهول المشاهد!!كانت تعيش في المدينة امرأة ثرية اسمها مريم أفقدها الجوع صوابها فبدأت تشوى طفلها على النار أشتم الجائعون رائحة اللحم في الشارع فاقتحموا الدار وقالوا لها: “نشتم رائحة اللحم المشوى فإن لم تعطنا قتلناك على الفور” كان قد بقى نصف الطفل فأتتهم به أمام هذا المنظر الرهيب تراجعت تلك الوجوة الوحشية مشمئزة.
كان بود تيطس أن يبقى على الهيكل الفخم فلم يفلح، كان على كلمات الرب أن تتم “لن يبقى هنا حجر على حجر” حائط الهيكل الأول أُخذ عنوة صعد أحد الجنود على كتفي رفيقه ورمى بالمشعل من النافذة داخل الهيكل فشبت النيران في خشب الأرز الجاف ووسط النيران كان هزيج الظافرين يختلط بحشرجة المنازعين وعويل الكهنة الذين أرادو للمرة الأخيرة أن يقدموا الذبيحة وهاهم يتلون الآن صلاة المنازعين، ستة الأف نسمة هلكت بالنيران ، الأدراج تسبح بالدماء ،دخل تيطس ليرى ولو في اللحظة الأخيرة قدس الأقداس الذي لم يره أحد غير رئيس الكهنة، ولكن عبثاً، الدخان يلف كل شىء وسيصبح الهيكل عما قليل تلة رماد.
المسيح قيام الكنيسة ↑
أى شىء لم تقاسيه الكنيسة بعد ولكن من رأها ترتجف؟؟ لقد تحالف عليها في الجيل الثامن عشر الفلاسفة والعلماء والشعراء والآن سنسحقها والكنيسة لم تخف، كم مرة دقوا لها ناقوس الموت… فلو كانت قابلة للموت لحدث ذلك من زمان بعيد.
لنفكر فقط بنابوليون لقد بسط سلطانه من إسبانيا إلى الفستول ومن هولندا إلى اليونان وكان حلفاؤه كثيرين وهذا المعتبر نصف إله حاصر البابا بواسطة جنوده… البابا لا يخاف ويرشقه بالحرم، تأملوا هذا العجوز يخطفونه من وسط رعيته ويجرونه رغم مرضه، من مدينة إلى آخرى، هذا العجوز يجرؤ على مقاومة من يرتجف أمامه الملوك و الأباطرة.. من سيدافع عنه الآن؟ من يحميه؟ من أقيم لسقوط وقيام كثيرين. ولكن ليس عند المسيح جنود ! كلا ، لكن عنده النار – وموسكو تشتعل. ليس عند المسيح مدافع ! لا، ولكنه عنده عواصف الثلج وهي تكنس جيش نابوليون. البابا يعود إلى كرسيه في روما والشعب في عيد وتهليل.
المسيح سقوط الرومان ↓
ثانى شعب قاوم المسيح كان الشعب الرومانى طوال قرون ثلاثة روى أباطرة الرومان الأرض بدم المسيحيين، هل تستطيعين احتمال كل هذة القساوة أيتها القبضة الصغيرة من المسيحيين؟؟ أتستطيعين المقاومة؟؟ سيمحى اسمك وستختفين، لقد اتهموا المسيحيين بالكفر مع أنهم لم يرفضوا سوى عبادة الأوثان، وأنهم ياكلون لحم البشر، سر القربان الذي أسئ فهمه وأنهم يتآمرون على الدولة بسبب اجتماعتهم في الدياميس.
ما مصيرك ايها المسيح؟؟ أمر الإمبراطور ادريانوس بأن يشيدوا على الجلجلة تمثالاً لفينوس آلهة الدعارة وتمثالاً آخر لجوبيتر فوق قبر المسيح. سيفيروس أمر باضطهاد رهيب أن يصك نقد مع هذة الكتابة “تذكاراً لمحو الاسم المسيحى”، ما هو المصير؟ المسيحية خرجت ظافرة من كل هذة المغاطس الدموية ونيرون أنتهى بالجنون، و دقليديانوس خُلع عن عرشه الأرجوانى ومات عجوزاً تعيساً.
غاليريوس ماكسيموس أكثر المضطهدين قساوة أكلته الديدان حياً، ماكسيمين دايا الذي سكر بدم المسيحين انتحر شارباً السم ولكن الكمية لم تكن كافية، فكانت تفعل فعلها ببطء فكان يعانى آلاما مبرحة وترعبه الرؤيا: المسيح بعينين متقدتين يطالبه حساب مؤمنيه المذبوحين، فيطلق عواء كالذئب الجريح قبل أن يفارق الحياة، ماكسينيس هلك في نهر التيبر، ليشينيوس سقط بسيف قسطنطين وعروس المسيح بقيت واقفة مدممة ولكنها ظافرة وابداً فتية.
لسبع سنوات خلت، في 1924 أحتفل بالذكرى المئوية السادسة عشرة لتدشين بازيليك لاتران، في المكان عينه الذي كان يرتفع فيه قصر ماكسيميانوس الذي كان يتنقل بين غرفه مخططاً لأشد الاضطهادات دموية، تقوم منذ ألف وست مئة سنة كنيسة كبرى هي بازيليك لاتران التي كتب على واجهتها، ” أم و رأس كل الكنائس” وحيث كان العرش الامبراطورى قديماً، يقوم الآن عرش لن يدك إلى الأبد، القديس لاون صنع من تمثال جوتبيتر في الكابيتول تمثالاً للقديس بطرس بريت إحدى قدميه من قبلات الحجاج التقوية التي لا تحصى.
المسيح قيام روسيا ↑
في القرن التاسع عشر تعهدوا بأن العلم يستطيع على كل شىء فمثلاً المفكرين كارل ماركس وفيبراخ وغيرهم كانوا يولون للعلم حجماً كبيراً معتقدين بأن العلم سيقضي على كل المشاكل وخاصة الأقتصادية لأن العلم يزرع ويصنع ويطعم الناس ويخترع كل شىء، اذن الأنسان ليس بحاجة الى الدين ومعتقداته وهكذا تأسس الفكر الشيوعي على الفلسفة المادية لكارل ماركس فأعتبر الدين أفيون الشعوب، نعم تركت روسيا الأيمان وحاربته بكل قوة وعملت على محوه من الوجود وصخرت من كل مؤمن وحتى من بابا روما فعلى سبيل المثال: كان رأي الزعيم الروسي جوزيف ستالين ببابا روما ساخراً حيث قال: “كم فرقة يمتلك هذا البابا؟” لا يعلم أن ما يمتلكه البابا من القوة تفوق كل جيوش العالم عندما يريد الرب أن يستخدمها في حينها. فعلاً عندما أنهارت دول الشرق الشيوعية، قيل أن بابا روما هو الذي كان السبب الأول في أنهيارها أبتداءاً من بلده بولندا.
قام البابا يوحنا بولس الثاني بالهجوم المباشر على بلده بولندا أحدى معاقل الشيوعية. نعم أنطلق البابا في تنفيذ سياسته الاقتحامية على بولونيا التي زارها بعد أقل من سنة على انتخابه وألقى خطاباً أدان فيه الشيوعية علناً في عقر دارها وبدون خوف أو تردد. بعد نحو عام من هذه الزيارة عمت البلاد إضطرابات وتظاهرات والتي كانت بداية لإنطلاق نقابة تضامن مناهضة للحكم الشيوعي.
وصل ميخائيل جورباتشوف إلى السلطة فبدأ الكرمليين يشجعون على إتباع سياسة الإصلاحات. ألتقى بعدها الرئيس جورباتشوف بالبابا وأبدى البابا إعجابه به لأنه ظهر بشكل مغاير لأسلافه لناحية الإنفتاح ورغبته في متابعة الإصلاحات السياسية والإقتصادية في بلاده. هنا مع جورباتشوف تكمل حلقة الإنهيار.
أخيراً نقول عادت كل تلك الشعوب عدا (الصين وكوريا الشمالية وفيتنام وكوبا) إلى الإيمان وبكل قوة. فتحررت رومانيا من الشيوعية وأمتلأت الكنائس بالمؤمنين. وقام كاهنان برفع صليب يبلغ إرتفاعه ثمانية أقدام في الميدان الأحمر بموسكو. كما غطت صور السيد المسيح اللوحة العملاقة التي تصور وجوه كارل ماركس وفريدريك أنجلز وفلاديمير لينين التي كانت تشكل خلفية المنصة المقامة في الميدان الأحمر وهتف أحد الكهنة “المسيح قام” هذا المسيح الذي أرادت الشيوعية أن تدفنه كما عمل اليهود. بعد ذلك بشهور قليلة تفكك الإتحاد السوفيتي وأزدهرت الكنيسة وهبطت عشرات الأطنان من الأناجيل في مطارات هذه الدول ورفعت الصلبان المقدسة على أجمل قباب ولأجمل كنائس في العالم في روسيا.
تابع القسم الثاني من الكُتيب
قيام وسقوط كثيرين في حياة الأفراد