البابا فرنسيس: إن المسيحيّ الحقيقيّ هو الذي يعيش كلمة الله، لأن الإيمان وحده لا يكفي
صباح اليوم الخميس، ترأس البابا فرنسيس القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا في الفاتيكان وباشر عظته قائلاً: “هناك العديد من القديسين في الخفاء، رجال ونساء، آباء وأمّهات، مرضى وكهنة يعيشون محبة يسوع يوميًّا وهذا الأمر هو مصدر رجاء”
وتابع الحبر الأعظم عظته انطلاقاً من الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم من القديس متى، والذي نقرأ فيه المثل الذي ضربه يسوع لتلاميذه عن الرجل العاقل الذي بنى بيته على الصخر والرجل الجاهل الذي بنى بيته على الرمل، ودعا المؤمنين لكي لا يكونوا “مسيحيي مظاهر” يختبئون وراء أقنعة التبرّج فينزل المطر ويزيل التبرّج فيظهرون على حقيقتهم. لكي نكون مسيحيّين لا يكفي أن نولد في عائلة كاثوليكية وأن ننتمي لجماعة أو منظمة كنسيّة ونقوم بأعمال خيريّة وإنما ينبغي علينا أيضاً أن نعمل بمشيئة الآب الذي في السماوات. ولذلك نرى الكثيرين من مسيحيي المظاهر الذين ينهارون عند أول بوادر التجارب لأنهم بنوا بيوتهم على الرمل، بينما نرى في الوقت عينه العديد من القديسين من شعب الله، الذين لم تعلن قداستهم ولكنهم قديسون، رجال ونساء يعيشون محبة يسوع يومياً في حياتهم، هؤلاء قد بنوا بيوتهم على الصخر أي على المسيح.
تابع البابا: لنتأمل في الصغار، بالمرضى الذين يقدمون آلامهم من أجل الكنيسة والآخرين. لنفكر بالعديد من المسنّين العزل الذين يصلون ويقدّمون صليب عزلتهم من أجل الكنيسة. لنفكر بالعديد من الأمهات والآباء الذين يقودون بتعب عائلاتهم إلى الأمام، يربون أولادهم ويعملون يوميًّا ويواجهون المشاكل وهذا كلّه برجاء دائم بيسوع المسيح، يقومون بكل ما باستطاعتهم بتواضع وبدون أي تبجّح أو تباهي.
أضاف قداسته يقول: هؤلاء هم قديسو الحياة اليوميّة! لنفكر أيضاً بالعديد من الكهنة الذين يعملون في الخفاء لكي لا يراهم أحد ويبذلون أنفسهم بمحبة في رعاياهم: يعلّمون التعليم المسيحي للأطفال، يعتنون بالمرضى والمسنّين، يحضّرون الخطّاب لنوال سرّ الزواج… يقومون بهذه الأمور عينها يومياً ولا يضجرون أو يسأمون لأنهم قد بنوا بيوتهم على الصخر، على يسوع وهذا هو مصدر القداسة في الكنيسة ومصدر الرجاء. ينبغي علينا أن نفكر في القداسة التي تعيش في الخفاء والموجودة في الكنيسة، إنهم مسيحيون يقيمون مع يسوع، هم أيضًا خطأة لأننا جميعنا خطأة. وأحيانا هناك بينهم أيضًا من يرتكب خطايا جسيمة لكنهم يندمون ويسألون المغفرة، والقدرة على طلب المغفرة هي أمر عظيم، لأن الإنسان القادر على طلب المغفرة هو شخص لا يخلط الخطيئة بالفضيلة ويعرف كيف يميّز بينهما؛ هؤلاء الأشخاص هم مؤسسون على الصخر، أي على المسيح، ويتبعون يسوع في مسيرته ويسيرون على خطاه. إن المتكبرين والمتعجرفين، مسيحيي المظاهر، سيُحطون عن الكراسي وسيهانون بينما سينتصر الفقراء، فقراء الروح الودعاء الذين يتواضعون أمام الله ويحملون الخلاص من خلال عيشهم لكلمة الرب، وأشار البابا إلى أن الحياة قصيرة وبالتالي إن لم نبن على الصخر فسيكون “سقوطنا شديداً”.
وختم البابا فرنسيس عظته بالقول في زمن التحضير هذا للميلاد لنطلب من الرب نعمة أن نُبنى بثبات عليه هو صخرتنا ورجاؤنا، لأننا جميعنا خطأة وضعفاء ولكن إن وضعنا فيه رجاءنا فسنتمكن من المضي قدماً وهذا هو فرح المسيحي أن يعرف أن في الرب الرجاء والمغفرة، السلام والفرح ولنطلب أيضاً من الرب نعمة ألا نضع رجاءنا في الأشياء الزائلة.