س7 : لماذا يؤمن الكاثوليّك بالعصمة البابويّة، هل يوجد أساس كتابيّ لهذه العقيدة ؟

5٬490

س7 : لماذا يؤمن الكاثوليّك بالعصمة البابويّة، والبابا إنسان مثلنا تحت الخطئية ؟ هل يوجد أساس كتابيّ لهذه العقيدة ؟

إنّ عقيدة العصمة البابويّة لا تعني أن البابا معصوم من الخطيئة في حدّ ذاته، فهو إنسان بالتّمامّ. وإنّما تتعلّق العقيدة بعصمة تعاليمه الإيمانيّة، في اتحاده بالكنيسة الجامعة، وبحكم دوره كراع أوّل للكنيسة جمعاء. كما أنّه يمارس تعاليمه الشّخصيّة في مجال تخصصه من دون أن تسري عليه هذه العصمة، فمثلاّ إذا ما كان متخصصًّا في مجال الاقتصاد، أو الهندسة، أو الطب، أو أي علم أخر، تظلّ كتاباته كأيّ كتابات أخرى.

يدرك الكاثوليّك تماماً، أن البابا، وعلى الرّغم من مكانته العلميّة الكبيرة ، إلاّ أنه إنسان مُعرّض للخطأ والخطيئة! تتضمّن العقيدة وبكلّ بساطة: أن البابا تتمّ حمايته إلهيًّا من الخطأ عندما يتصرّف بصفته الرّسمية، أيّ باعتباره الرّاعي الأوّل للكنيسة الكاثوليكيّة، فعندما يُصدر عقيدة ما، تصبح بقوّتها واجبة ومُلزمة لكلّ ضمير جميع الكاثوليّك في جميع أنحاء العالم. فعصمة البابا في الأساس منبثقة من عصمة الجسّد السّرّيّ، الذي هو الكنيسة نفسها.

يتخيّل البعض حينما يقرأ أو يسمع كلمة “عصمة البابا” أن البابا يصدر أيّ تعاليم فتصبح هكذا نافذة، ليس هو الحال في كنيستنا، فالبابا عمليًّا حينما يعلن عقيدة يجتمع مرارًا وتكرارًا بأساقفة الكنيسة وبشتى الطّرق لمناقشتهم وللبحث معهم عن ضرورة إعلان عقيدة ما، ليبحثوا معه وبسلطانه، عن حاجة الكنيسة القصوى لهذه العقيدة أو تلك، كما يبحثوا معه عن أُسسها الكتابيّة والآبائيّة، ليعلنوها عن حقّ وبقوّة الرّوح الذي يحفظ كيان الكنيسة الجامعة من دون تشتّت، فتبقى هكذا على مرّ الزّمن دون سواها، واحدة، مقدّسة، جامعة، رسوليّة.

لذلك، تتحدّد العصمة البابابويّة بشروط أربعة تضعها الكنيسة، لتصبح نافذةً:

1. لا بدّ أن يكون هذا التّعليم ex cathedra  أيّ خلال كرسي القديس بطرس، ويعلم بصفته خليفة القديس بطرس وبابا الكنيسة الجامعة.

2. يجب أن يكون خاصّ بمسألة الإيمان أو الآداب العامّة.

3. يجب أن يكون قرارًا مُلزمًا للكنيسة جمعاء .

4. على البابا عندما تكون لديه نية إتّخاذ قرار نهائيّ بشأن إعلان العقيدة أو الأخلاق أن يكون شارك بها جميع المؤمنين من خلال المجامع المسكونيّة وسينودس الأساقفة وغيرها من الطّرق التي يتعرّف بها البابا على الإيمان العامّ للكنيسة ، يجب أن يكون إعلان العقيدة لتفسير ما هو ثابت مسبقاً في الإيمان.

جدير بالذّكر أن نؤكّد على أن البابا ليست لديه السّلطة في أن يستحدث عقائد جديدة، أو يلغي أخرى، لأنه ليس هو صاحب الوحيّ. وإنما فقط يعلن ويحدّد ويفسّر الإيمان بما يتناسب ولغة العصر وثقافة المؤمنين من دون الإخلال بمصادر الوحي الإلهيّ والتّقليد الكنسيّ العريق. إنها عصمة المسيح الذي أعطاها لبطرس البابا الأوّل: “وأعطيك مفاتيح ملكوت السّموات فكلّ ما تربطته على الأرض يكون مربوطًا في السّموات وكلّ ما تحلّه على الأرض يكون محلولاً في السّموات.” (متى 19:16) .يعود هذا إلى  ثقتنا بوعد ربنا أنه سيكون مع كنيسته وفيها حتّى نهاية العالم. (مت 20:28).

كما نلاحظ أن الجماعات الكنسيّة، ونعني البروتستانتية، أنّها لا تتردّد في تغيير مذاهبها. على سبيل المثال، جميع الطّوائف البروتستانتية أعتقدت أن وسائل منع الحمل كانت خطيئة تمامًا، ولكن منذ عام 1930، عندما قرّرت كنيسة مؤتمر لامبث انجلترا أن وسائل منع الحمل لم تعد خطيئة، قبل تقريبًا كلّ القساوسة البروتستانت في العالم هذا القرار وتغير تعليم الكنيسة.


ترجمة بتصرف اسرة القديس توما الاكويني، أضغط للذهاب إلى قسم كتاب الكنيسة الكاثوليكية لديها الجواب

مواضيع ذات صلة
تعليقات
  1. Riham Hakim

    إنها إحدى العقائد الكاثوليكية المثيرة للجدل برغم إنها لم تأتي بجديد أو بإبتداع لم يكن موجوداً في الإنجيل و تقليد الرسُل الذين تسلموا الرسالة من السيد المسيح.
    إلا أن تعريف عقيدة العِصْمَة الباباوية يمكن تلخيصه في أنه : "نزاهة التعليم الكنسي المُلْزِم". بمعنى أن التعليم الذي تُجمِع عليه الكنيسة كمُعتَقَد مُلزِم و يُعَدّ جزء من الإيمان هو بالتأكيد صحيح – و سنسرد بالتفصيل كيفية إتمام ذلك – بصرف النظر عن شخص البابا و طبيعة تعاملاته اليومية و مدى إلتزامه الروحي.
    يقول البابا بندكتوس السادس عشر في مقدمة كتابه الصادر في 3 أجزاء (يسوع الناصري) و هو عبارة عن تأملات روحية و أراء شخصية تخصه كمؤمن: " أن محتوى هذا الكتاب هو تأمل خاص به خرج به من إختبارات و تأملات روحية شخصية عديدة لكنه غــــــــــيــــــــــــر معصوم" ، أي أنه يحتمل عدم الدقة في اللفظ أو التأمل مرة أخرى و إيجاد ما هو أعمق منه.
    البابا كإنسان هو غير معصوم فيما يتأمله و لا فيما يخص حياته الشخصية بدليل أن له أب مُعَرِّف و يعترف بإنتظام كل إسبوع. فإن كان معصوم من الخطأ فلماذا يمارس سرّ المصالحة (التوبة بفحص الضمير و الإعتراف)! . البابا ليس إلهاً.

  2. Riham Hakim

    ظروف نشأة العقيدة:
    كل ما أعلنته الكنيسة الجامعة بعد الإنشقاق التالي لمجمع خلقدونيا من عقائد ليس بجديد و لكن كل ما أُعلِن من عقائد هو موضوعات كامنة في الإيمان المسيحي تم الإستفسار عنها فظهرت و بُحِثت بجدية و خرجت في صيغة عقائدية ثابتة. هذه الصيغة العقائدية هي من ضمن سُلطة التعليم التي أعطاها الله للرسل و تحديدياً لهامتهم بطرس الرسول ، و نجد في مواضع إنجيلية عديدة شواهد لسُلطان التعليم منها:ا
    وأنا أقولُ لكَ: أنتَ صَخرٌ، وعلى هذا الصَّخرِ سأبني كَنيسَتي، وقوّاتُ الموتِ لنْ تَقوى علَيها. وسأُعْطيَكَ مفاتيحَ مَلكوتِ السَّماواتِ، فما تَربُطُهُ في الأرضِ يكونُ مَربوطًا في السَّماءِ، وما تحُلُّهُ في الأرضِ يكونُ مَحلولاً في السَّماءِ.
    (متى 16 : 18 – 19)
    ولكنّـي طَلبَتُ لكَ أنْ لا تَفقِدَ إيمانَكَ. وأنتَ متى رَجَعتَ، ثَــبِّتْ إخوانَكَ
    (لوقا 22 : 32)
    لــــــــكـــــــن لا يجب أن يُفهَم سُلطان التعليم في الكنيسة الكاثوليكية – و الذي تنبثق عنه عقيدة العصمة الباباوية – على أنه عملية إستيلاء على الروح القدس لصالح جماعة معينة ، فالروح كما قال السيد المسيح واصفاً إياه لنيقوديموس "اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَسْمَعُ صَوْتَهَا، لكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ." (يوحنا 3: 8). و إنما القصد الإلهي من إعطاء هذا السُلطان للرُسُل هو توحيد التعليم حتى لا تُعطىَ فرصة للتضليل بسبب تعدد المعاني و إمكانية دخول هرطقات بسبب الإرتباك الناتج عن إتساع دائرة التعليم ، و الخلط بين التأملات الخاصة المُتغيرة و صُلب الإيمان و الإعتقاد الثابت.ا
    شهادات أباء الكنيسة الأوائل عن صحة التعليم و الإيمان و اعتقاد للكنيسة الجامعة:ا
    و قد شهد الكثير من أباء الكنيسة و معلميها الأوائل لصحة التعليم و الإعتقاد للكنيسة الجامعة حيث كرسي روما.ا
    فنجد القديس إيرناوس ينظر لتعليم الكنيسة الرومانية الكاثوليكية على أنه دستور الكنائس ، فيقول نصّاً: "عندكم وحدكم محفوظٌ إرثُ التعليم بلا فساد". و هو ما يوافق قول بولس الرسول في رسالته لأهل روما: "أوَّلاً، أَشْكُرُ إِلهِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنْ جِهَةِ جَمِيعِكُمْ، أَنَّ إِيمَانَكُمْ يُنَادَى بِهِ فِي كُلِّ الْعَالَمِ". (روما 1 : 8).ا
    كما يشهد القديس أغناطيوس الأنطاكي بأن كنيسة روما طاهرة من التعاليم الغريبة في حين أنه حَذَّر الكنائس الأخرى في رسائله من ظهور علامات تشير لعدم سلامة تعليمهم.ا
    كذلك فإن القديس أغسطينوس يشهد لكرسي روما بإجاباته اليقينية التي أسقطت البدعة البلاﭼية – نسبة لمؤسسها بلاﭼيوس – و قال أنه لولا سلامة التعليم و سلطان وحدته لانتشرت هذه الفكرة المُضِلَّة البعيدة عن حقيقة الإعتقاد.ا
    و على ذلك فإن وحدة سُلطان التعليم هو شئ يحفظ من إنشقاق الكنائس و لو أن هناك إلتزام به كمقصد إلهي واضح في الإنجيل لَمَا تعرضت الكنيسة لتفتيت أو إنشقاق منذ نشأتها و حتى الآن ، لأن المرجع الإيماني واحد و الكنيسة واحدة مهما كانت التأملات مختلفة ، لكن وحدة التعليم كإلتزام على الجميع هي تمنع حدوث إنشطار للكنائس كلما استجدت قضية إيمانية مُختَلَفٌ عليها.ا

  3. Riham Hakim

    خطوات بحث قضايا عقائدية:ا
    1 – يطلب متخصص أو حتى مسيحي عادي بحث موضوع وصل لدرجة من الشيوع و الإنتشار بين المسيحيين و هو أمر محيِّر و يُراد التأكد من المنظور المسيحي له.ا
    2 – البابا يقوم بمخاطبة أساقفة العالم بشأن هذا الموضوع و من الأساقفة للكهنة و من الكهنة للشعب ليتبين صدى هذا التعليم أو هذه القضية في عموم الكنيسة. ثم يتم إعادة هذا الإستبيان تصاعدياً من الشعب للكهنة و من الكهنة للأساقفة و من الأساقفة للحبر الروماني.ا
    3 – في حال عدم الإعتراض و وجود صدى إستحساني من عموم الكنيسة لفكرة البحث ، يقوم بتشكيل لجان كتاب مقدس ، تاريخ كنيسة ، قانون كنسي ، و منطق و عقل.ا
    كما يُقدم الموضوع لمسيحيي العالم كاثوليك و غير كاثوليك و غير مسيحيين و يتم تجميع إستبيان آخر عن أراءهم.ا
    4 – بعد البحث في اللجان المختلفة و التنسيق فيما بينها تبدأ عملية صياغة هذا التعليم في شكل لغوي واضح و دقيق ، و بمجرد الوصول لهذه الصيغة يبدأ عرضه على أساقفة العالم للمراجعة. و فيما يتم تنفيذ كل هذه الخطوات يــــــلازمها و يـــــــوازيها عــــمـــل الروح القدس من خلال طلب الصلاة و القداسات على نية هذا الأمر أثناء تنفيذه.ا
    5 – في النهاية يخرج البابا مُعلناً هذا التعليم بصفته رأس الكنيسة الـــمـــنـــظـــور معلناً الرأي النهائي للكنيسة.ا
    مــــــن هذه الخطوات يــــتـــضِــــح لنا أن العِصْمَة هــــــي للكنيسة بكافة فئاتها – التي قال عنها السيد المسيح أن أبواب الجحيم لن تقوى عليها – فهي بكاملها ساهمت في البحث و إبداء الأراء بعدها تمت المراجعة من قِبَل اللجان المتخصصة. و ليست قيمة منفردة يحصل عليها البابا منفرداً ، بدليل أن خطوة الإعلان من خلاله هي خطوة أخيرة تعتبر تحصيل حاصل لما درسته الكنيسة و خرجت به من نتائج.ا
    لـــكــــن جائت تسميتها بـ"العِصمَة الباباوية" نتيجة لكون الإعلان هو الخطوة النهائية الرسمية للإلزام بالتعليم ، فالبابا لن يُقرّ أي تعليم بشكل رسمي ما لم يتم دراسته بشكل جيد و بمعونة الروح القدس ، بالتالي فجدية التعليم و إلتزام الكنيسة به ناتج من التصريح الرسمي للناطق بإسم الكنيسة و هو البابا ، لذلك فمجازاً نقول "العِصمَة الباباوية" إنما جوهرها هو عصمة الكنيسة.
    لماذا تعتبر عقيدة؟
    هذه العِصمة أقرها السيد المسيح بأن أبواب الجحيم لن تقوى على الكنيسة ، لذلك فهي جزء من الإعتقا فلا يمكن للكنيسة عندما تُرشَد و تُعَلَّم بالروح القدس أن يصدر عنها تعليماً مُضِلاً أو غير مطابق للمشيئة الإلهية أو للحقائق الإيمانية ، من ثم فالعصمة الباباوية هي عـــــقــــــيـــــدة مبنية على أقوال الرب يسوع

  4. Milad Moussa Wanns

    والبابا لما يعلن عقيدة أستنادا الى الكتاب المقدس(الوحى الالهى ) والتقليد المقدس (اقوال الإباء ) والحس البشرى .

أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.