شهر مع قلب يسوع الأقدس (19)
لا قيمة للحب بلا ألم
في مشهد ذكر الانجيلي الرابع بعض تفاصيله نسمع يسوع يقول: “الان نفسي مضطربة، فماذا اقول؟ يا ابت نجني من هذه الساعة، وما اتيت الا لهذه الساعة” (يوحنا 12 :27). تكاد هذه الايات تعكس ما كان يجيش في نفس يسوع عشية موته وهو في بستان الزيتون. فمن جهة الالم العميق ومن جهة الحب لاخوته البشر والطاعة لارادة الاب. ان يسوع احس بكل تأكيد باشمئزاز من الالم عندما وجد نفسه وحيدا في بستان الزيتون يتقاذفه الخوف والضيق، واذا به يناجي الاب، فلتبعد عني هذه الكأس، ورغم رغبته التخلص من رهبة تلك الساعة لكنه يستعيد رباطة جأشه ليقول: ما اتيت الا لتلك الساعة. فلا يتراجع، ويشرب كأس الالم بارادته حتى الثمالة.
على الجلجلة انطلقت صرخة متحدية: ان كنت ابن الله فانزل عن الصليب”. ولا يزال صداها يتردد عبر الزمان والمكان، لاننا لا نفهم ولا نستطيع ان نعطي جوابا شافيا لعدم تدخل الله لايقاف الالم، حتى يسوع ذاق الالم. الالم تحدى البشرية منذ ان وجدت وقد قبل يسوع التحدي، فحمل الالم على ذاته وجعله واسطة للخلاص “لان حبة الحنطة ان لم تقع في الارض وتمت، تبقى وحدها، وان هي ماتت اتت بثمر كثير”.
فهذا نظام الحياة اذ يتحد ألمنا بالم المسيح بحيث نقدر ان نقول ان المسيح يتألم في الانسان والانسان يتالم في المسيح فيكتسب الالم عندئذ قيمة روحية، ولنعلم ان لا طريق الى مجد القيامة الاَّ عن طريق الجلجلة اي الالم.
يا يسوع، أنت ذو القلب الشفيق، الكلي الجودة و الصلاح. أنت تراني و تحبني. أنت رحيم وغفور، إذ لا يمكنك أن ترى الشقاء دون أن ترغب في مداواته، ها إني أضع كل رجائي فيك، وأثق أنك لن تهملني، وأن نعمك تفوق دائماً آمالي. فحقق لي يا يسوع، جميع وعودك، وامنحني النعم اللازمة لحالتي، وألق السلام في عائلتي، وعزني في شدائدي، و كن ملجأي طيلة حياتي و في ساعة موتي.
إن كنت فاتراً في إيماني فإني سأزداد بواسطتك حرارة. أو كنت حاراً فاني سأرتقي درجات الكمال. أنعم علي يا يسوع بنعمة خاصة ألين بها القلوب القاسية، و أنشر عبادة قلبك الأقدس. واكتب اسمي في قلبك المعبود، كي لا يمحى إلى الأبد. وأسألك أن تبارك مسكني حيث تكرم صورة قلبك الأقدس.
تأمل في ان محبة يسوع لا تكون بدون محبة القريب والأحسان إليه
ان شئنا ان نرى في حياتنا الأيام الصالحة التي تعدنا بها عبادة قلب يسوع الأقدس لا يكفي ان نحيد عن الشر باجتنابنا الخطيئة، بل يجب علينا علاوة على ذلك ان نصنع الخير ونحسن الى قريبنا الذي جعله الله بمنزلة نفسه فقال لنا: “ان ما تفعلونه بأحد إخوتي الصغار فبيّ تفعلونه”. وجعل محبة القريب بعد محبته بل جعلها شبيهة بمحبته فقال لمعلم الشريعة الذي سأله عن أعظم الوصايا: “ان الوصية الأولى العظيمة هي ان تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك، والثانية تشبهها وهي ان تحب قريبك مثل نفسك. في هاتين الوصيتين سائر الناموس والأنبياء معلقون”.
فلم يكتف ربنا يسوع بأن يحبنا بل أوصانا ايضاً بأن يحب أحدنا الآخر كما أحبنا هو. فمن أراد أن يحب الله من دون ان يحب قريبه، فقد طلب المستحيل وكانت محبته لله كاذبة، لأن محبة القريب لا تنفصل عن محبة الله كما لا يمكننا ان نفصل النفس عن الجسد إلا بالموت. وهذا ما صرح به القديس يوحنا الرسول بقوله لنا: ان قال قائل اني احب الله وهو يبغض اخاهُ فهو كاذب. ولنا هذه الوصية منه تعالى المحبة، ان يكون المحب لله محباً لأخيه أيضاً.
فالعبادة لقلب يسوع الأقدس لا تكون صادقة ان لم نبلغ فيها الى محبة قريبنا تلك التي هي ركن الحياة المسيحية، لأن القلب الذي نعبده قد أحب جميع الناس على السواء وبذل نفسه عن كل انسان ولا يزال يشرق شمسه على كل الأخيار والأشرار ويمطر على الصديقينّ والظالمين (متى 5 : 45). فعلينا ان نقتدي به بكل جهدنا لنكون تلاميذ محقين له: “بهذا يعرف كل احد أنكم تلاميذي ان كان فيكم حب بعضكم لبغض”، ولذا أعلم قلب يسوع الأقدس ذات مرة أمته القديسة مرغريتا مريم انه يعاقب في المطهر عقاباً شديداً أخف هفوة مخالفة لمحبة القريب. وكانت هذه القديسة توصي كثيراً تلميذاتها بمحبة القريب ومن جملة ما قالت لهن: ” يا ليت علمتن كم يغتاظ القلب الأقدس من مخالفتكن لمحبة القريب، فأنكن تمنعنهُ بهذه المخالفة ان يفيض عليكن نعمه بغزارة أعظم”
تتلى بإستخدام المسبحة الوردية الإعتيادية، عند صليب المسبحة أتل الصلوات التالية:
يا قلب يسوع حبيبي زدني حبّاً لك. يا يسوع فاديّ إليك أسلم قلبي فضعه في قلبك فإني لا أريد أن أعيش إلا فيه. فليكن قلبي قرباناً لك. يا يسوع لك أقدّم هذه المسبحة لأستحقّ مواعد قلبك الأقدس.
على الحبات الكبيرة:
أيها الآب الأزلي، إني أقدّم لك دم سيّدنا يسوع المسيح الثمين للغاية، وفاءً عن خطايانا ولأجل احتياجات الكنيسة المقدسة.
على الحبات الصغيرة:
يا يسوع الوديع والمتواضع القلب، إجعل قلبنا مثل قلبك.
في خاتمة العشر حبّات:
يا قلب مريم الحلو، كن خلاصي.
كيرياليسون كريستياليسون كيرياليسون
يا ربّنا يسوع المسيح أنصت إلينا
يا ربّنا يسوع المسيح إستجبنا
أيّها الآب السماوي الله إرحمنا
يا ابن الله مخلّص العالم إرحمنا
أيّها الروح القدس الله إرحمنا
أيّها الثالوث القدّوس الإله الواحد إرحمنا
يا قلب يسوع ابن الله الأزلي إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المصوَّر من الروح القدس في أحشاء البتول إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المتّحد جوهريًّا بكلمة الله إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ذا العظمة غير المتناهية إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع هيكل الله المقدّس إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع خباء الربّ العليّ إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع بيت الله وباب السما إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع أتّون المحبّة المضطرم إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع منـزل العدل والمحبّة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المفعم جودًا وحبًّا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع لجّة الفضائل كلّها إرحمنــــــــــا
يا قلب يسوع الجدير بكلّ تسبحة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ملك جميع القلوب ومركزها إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الحاوي كلّ كنوز الحكمة والعلم إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع مسكن ملء اللاهوت كلّه إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع موضوع سرور الآب إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الذي من فيضه أخذنا جميعنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع رغبة الآكام الدهريّة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الطويل الأناة والكثير الرحمة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الغنيّ لكلّ من يدعونك إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ينبوع الحياة والقداسة إرحمنـــــــــــــا
يا قلب يسوع الضحيّة عن آثامنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الموسع عارًا لأجلنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المنسحق لأجل أرجاسنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المطيع حتّى الموت إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المطعون بالحربة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع مصدر كلّ تعزية إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع حياتنا وقيامتنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع صلحنا وسلامنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ذبيحة الخاطئين إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع خلاص كلّ المتوكّلين عليك إرحمنـــــــا
يا قلب يسوع رجاء الذين يموتون في محبّتك إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع نعيم جميع القدّيسين إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع حماية مكرّميك الحلوة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع تعزية الحزانى إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع قوّة الضعفاء إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ملجانا في يوم التجربة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع مستحقّ ذبيحة قلوبنا إرحمنـــــــــــا
يا حمل الله الحامل خطايا العالم أنصت إلينا
يا حمل الله الحامل خطايا العالم إستجبنا
يا حمل الله الحامل خطايا العالم إرحمنا
كيرياليسون كريستياليسون كيرياليسون
س: يا يسوع الوديع والمتواضع القلب
ج: إجعل قلبنا مثل قلبك.
يا ربّنا يسوع المسيح، يا من بمحبّة جديدة ارتضيت أن تفيض على كنيستك خيرات قلبك الإلهيّة، إمنحنا قوّة لأن نكافئ محبّة هذا القلب الأقدس، وبالكرامة الواجبة نعوّض عن الإهانات التي يفعلها جاحدو معروف هذا القلب الحزين.
أيّها الإله الأزليّ القادر على كلّ شيء، أنظر إلى قلب ابنك الحبيب وإلى الوفاء والتسابيح التي قدّمها لعزّتك عن الخطأة. فاغفر لهم إذ يطلبون رحمتك، وارضَ عنهم باسم ابنك سيّدنا يسوع المسيح، الذي معك يحيا ويملك بوحدة الروح القدس، إلى دهر الداهرين. آمين.
معجزة الإفخارستيا
قامت رعيّة كازا سان باولو في جمهورية الدومينيكان Casa San Pablo in Santo Domingo, Dominican Republic بأحتفال دام يومين تضمّن القداديس وصلوات الوردية والتراتيل .. كان ذلك في ليلة الأحد 30 أكتوبر 2011. في نهاية الإحتفال رفع الكاهن فراي خوسيه Fray José القربان المقدس وسار به بين جموع المصلّين ليمنحهم بركة يسوع القرباني وسط الترانيم والنشوة الروحية. وشهد لاحقاً كل من شارك في الإحتفال انها كانت لحظات رائعة شعروا خلالها برحمة الله العظيمة ونالوا الشفاء الداخلي.
أما الصورة فقد التقطها احد المشاركين وكم كانت دهشته عندما شاهد الأشعة المنبثقة من القربان الأقدس، اذ لم تكن ظاهرة للعين المجرّدة اثناء الإحتفال. فسارع الى الكاهن خوسيه وأراه الصورة. فأرسل الكاهن نسخة عن الصورة الى اخيه (هو أيضا كاهن) وتم التأكد من مصداقية الصورة اي أنه لم يتم التلاعب فيها حسب شهادة عدة خبراء تصوير.
انها بالتأكيد إحدى الصور الأكثر استثنائية على الإطلاق، انها تُظهر “المعجزة الإفخارستية”.
لقد تجلّت رحمة يسوع الإفخارستي في هذه المعجزة: يسوع حقا حاضر في القربان الأقدس وقد تركه لنا أكبر دليل على حبه ورحمة قلبه.
الرحمة التي تدفّقت من جرح قلبه الأقدس حين طعنه الجندي بالحربة . وقد تم شرح الأشعّة الظاهرة في الصورة كالتالي: اللون الأحمر والأبيض/ الازرق (ألوان الرحمة الإلهية) هي ذاتها الوان اشعة قلب يسوع كما أظهرها للقديسة فوستين: الأبيض يدل على الماء والأحمر على الدم اللذان تدفّقا من قلب يسوع – ينبوع الرحمة. وتدل أيضاً الألوان الأبيض والأحمر والذهبي على اسرار الوردية (الأبيض لأسرار الفرح – الأحمر لأسرار الحزن والذهبي لأسرار المجد)
تبدو الأشعة صادرة من جهة يمين (شرق) القربان الأقدس وهي تتدفّق كالنهر ، دليلاً على غزارة النِعم الموهوبة للناس من هذا السر العظيم تماماً كما ذُكِر بنبوءة حزقيال: وَإِذَا بِمَجْدِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ جَاءَ مِنْ طَرِيقِ الشَّرْقِ وَصَوْتُهُ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ، وَالأَرْضُ أَضَاءَتْ مِنْ مَجْدِهِ. (2:43)
إن الوقوف ساعة امام يسوع القرباني هو نبع نِعم لا تُقدّر ولا تحصى، هو أن تكون في السماء واقفاً امام عرشه.
تباركت ايدي الكهنة، هذه الأيادي المباركة المكرّسة، هي وحدها القناة التي بواسطتها يتم منحنا الغذاء الأبدي، الخبز السماوي، الإله الحي الحقيقي!
يا يسوع صديق القلب الضعيف والمنزوي، أنت سمائي، أنت سلامي، أنت خلاصي، أنت هدوئي في وقت التجارب والمِحن، أنت النّور الساطع الذي ينير طريقي، أنت طبيب قلبي ونفسي الفقيرة والضعيفة.
أنت تدركُ ضعفي وحقارتي، ومن سواك يا إلهي شفائي! أنت غذائي وحياتي. أشكرك على كلّ النعم يا ربّي، أشكرك على رحمتك الإلهيّة اللامنتاهية. يا إلهي، برحمتك ومحبتك حرّرنا من العقاب الأبديّ.
سبّحي الربّ يا نفسي من أجل كلّ شيء، ومجّدي رحمته لأنّ صلاحه لا نهاية له. كلّ شيء يزول ما عدا رحمته، فلا حدود لها ولا نهاية. لا قياس للرحمة الإلهية. يزداد حنان الله لنا بقدر ما نزداد تواضعاً. إنّ الأزهار التي أنشرها على أقدام الله هي ممارسة الصمت والتأمّل. إبتهجي، أيتها الخلائق كلّها، ومجدي اسم الرب. آمين.
ما تحب ان يصنعهُ الناس بك، إصنعهُ انت بهم فتكمل وصية المحبة.
يا قلبَ يسوع أتون المحبة إشعل قلبنا بنار محبتك ومحبة القريب.