صوت المسيح (4) – انا عطشان

2٬921

يسوع المسيح انـا عطشـان

كلام الرب

أنا عطشان…
“يوحنا 19:28”
أعطني أشرب.
“يوحنا 4:7”
وفي عطشى سقوني خلاً.
“مزمور 86:22”
لأني عطشت فسقيتموني.
“متى 25:35”
إن نعيمي في أن أكون مع بني البشر.
“الأمثال 8:21
هائنذا واقف على الباب أقرع. فإن سمع أحد صوتي وفَتَح الباب أدخل إليهِ ،
وأتعشى معه وهو معي.
“الرؤيا 3:20”


 

مناجاة

هل شعرت مرة بالعطش المحرق؟ هل اختبرت هذه النار ملتهبة في صدرك حتى جف فمك وانهالت قواك ونشف الدم فيك؟

ان كنت قد اختبرت هذا العطش فاعلم انه لا شيء. ازاء العطش الى الأنفس الذي احرق نفسي وانا على الصليب.

“انا عطشان”: تلك صرخة انفجرت من اعماق كياني المضطرم ظمأً الى النفوس.

وهي صرخة ما برحت تنفجر من صدري لأني ما زلت ظمآن الى الأنفس.

ظمآن الى جميع الأنفس… اريدها كلها…
اني من اجلها اتيت الى العالم،
ومن اجلها اهرقت دمي ـ
ومن اجلها متّ اشنع ميتة واحرقها.
ان عطشي اليها غير متناهٍ لانه عطش اله…


 

اني عطشان الى اضعف النفوس وافقرها واحقرها ، الى النفوس المرذولة والمحتقرة والنفوس المجربة والمعذبة لأنها بحاجه ماسّة اليّ.

اني ظمآن الى تعزية الباكين وتسلية الحزانى وتقوية المجاهدين للخير ضد الشر ، ظمآن الى نشل الساقطين واغاثة المنازعين.

اني ظمآن الى توزيع الخير على وجه هذه الأرض ، ارض الفاقة والعوز. ظمآن الى ان أشفي وأنير وأطهر وأقدس القلوب واضرم فيها ناراً ولهيباً.

ولكن لا أستطيع إرواء عطشي الى هذا كله الاّ اذا رضيتم بذلك ايتها الخلائق الحرّة لأنّ ارادتي للخير مقيّدة بحرّيتكم ، هذه الحرّية التي تعطي جميع اعمالكم قيمتها. اني احترم هذه الحرية التي وضعتها فيكم واريد ان ترفعوا ايادي فاقتكم نحوي بملء هذه الحريّة لآتي اليكم فاشفي وأنير واطهر وأقدّس.

لذا فاني عطشان الى ان اراكم عطاشاً اليّ وذلك باسم العالم كله ومن اجل جميع الذين يجهلون حاجتهم اليّ.


 

انّ ما يهمّني ليست الظواهر ولا الأعمال الخارجيّة بل داخلكم واعماق نفوسكم.

لكل حالات نفوسكم الداخلية صدى في نفسي يجعلني اشعر معكم بكل ما يضطرب في خفايا قلوبكم.

ولذا فإن فرحي لعظيم عندما ارى الحب الحقيقي ينعش جميع حالاتكم النفسيّة.

ولكن حزني أعظم عندما أرى الأنانية تملك على قلوبكم فتنقادون لها في جميع نزاعاتكم وأفعالكم.

ما اكثر النفوس التي تفترسها الأنانية… اني أرى العالم كمصح فيه الآلاف من النفوس مشوّهة مدنّسة بمرض الرّذائل..

وأشعر برحمة عظيمة نحو مل هؤلاء السقماء الجاهلين سقمهم واريد شفاءهم:”لا يحتاج المتعافون الى طبيب بل ذوو الأسقام”.

آه! لو كنت ترى مثلي هذه الأسقام لكنت تلتاع عطشاً الى شفائها وانقاذ الناس منها!..


 

ليتك تعرف قيمة النفوس وجمالها !.. ان أبشعها ان تلمع كالشمس اذا كانت طاهرة …

أفلا تشعر بالشوق الى العمل في انقاذها من ذلّها وفسادها ؟.
أجل ان العالم مصح !.. ولكن في هذا المصح ثلاثمائة مليون طبيب.

كل مسيحي طبيب النفوس…بل دواء النفوس. تذكروا قول الإنجيل:انكم الخمير في عجين العالم وعلى الخمير مهما كان قليلاً ان يخمّر العجين كله.

في كل مسيحي امكانيات عظيمة لخدمة الخير ونشر ملكه على الأرض لأن كل واحد منكم يستطيع ان يقول كالرسول:
“استطيع كل شيء بالذي يقويني.”

انا فيكم وانتم فيّ… فهلاّ تؤمنون انكم قادرون معي على كل شيء وعلى شفاء العالم؟

ان ما يضعفكم هو قلّة ايمانكم بقدرتي غير المتناهية:
“لو كان لكم ايمان مثل حبّة الخردل…”


 

“الحاجة الى واحد” وهذا الواحد الضروري هو انا ، انا القداسة ، انا القوة ، انا القدرة التي لا شيء خارجاً عنها.

ومع ذلك فأنا المهمَل الأكبر!…

لا يريد الناس عوني ومساعدتي ولهذا جميع اعمالهم عدمٌ يولد عدماً:” بدوني لا تستطيعون شيئاً.”

“اذا الرب لا يبني البيت فعبثاً يكد البناؤون . واذا الرب لا يحرس المدينة فعبثاً يسهر حراسها.”

عبثاً تحاول بناء صرح حياتك خارجاً عني ، فإنك تهدمه من حيث لا تدري…

وعبثاً يكد علماء العصر وساسته ليضعوا للمجتمع أسساً مستقيمة راسخة ما داموا يعملون خارجاً عني ويرفضون مشورتي.

اني اريد ان تنتفعوا مني قدر استطاعتكم لأني اعلم حاجتكم اليّ .  آه ! لو كنتم تعرفون رفقي بكم وعطفي عليكم للجأتم اليّ في كل حين . ولكن عيونكم كفيفة !…


 

ان ما انا عطشان اليه هو ان اتغلغل في اعماقكم جميعاً ، في افكاركم واقوالكم ونزعات قلوبكم ليصبح الكل فيكم جمالاً وطهراً وقداسة.

انا ظمآن الى ان اهبكم ذاتي لاصبح غناكم فتجدوا في داخلكم السلام والنور والفرح.

عبثاً تطلبون الفرح والسلام خارجاً عني . هلموا اليّ فتجدوا الحياة هنيئة غير معقدة . لاني النور والذي يمشي في النور لا تعثر رجله بحجر.

انا البساطة بالذات وكل من يأتي اليّ يجد الحياة بسيطة.

لم اخلق الحياة معقدة ملتوية. انما ابتعادكم عني جعلكم تلتوون بالحياة او تلتوي الحياة بكم.

فاعوجّت في وجوهكم طرق السعادة بعد ان كانت مستقيمة جلية.

عودوا اليّ تعدّ الأستقامة اليكم …”صوت صارخ في البريّة: كل وادٍ يمتلئ وكل جبل وتل ينخفض والمعوج يستقيم ووعر الطريق يصير سهلاً.


 

ان ما يؤلمني هو اني لا اجد السبيل الى اعطائكم ذاتي كما ينزع اليه قلبي ، لأنكم لا تفتحون لي طريقاً رحباً يؤدي بي الى نفوسكم.

ولهذا اني واقف على الباب اقرع طالباً الدخول: كم وكم من الأبواب التي تظل مغلقة في وجهي!…

انكم تفتحون ابوابكم لاي كان . اما انا يسوع فلا اجد على طريقي الا أبواباً لا تريد الإنفتاح كاني مجرم يخشاه الجميع !…

ولهذا اني بحاجة الى اصدقائي ليمروا امامي ويفتحوا لي الأبواب.

ان العالم لا يخشاهم مثلما يخشاني لأنه غالباً يجهلهم. ولهذا يفتح لهم ابوابه.

ومتى دخلوا ادخل معهم لأني فيهم. وهكذا أمر من بيت الى بيت موزعاً شعلات النار للهيب الذي اريد اضرامه على الأرض.

اليوم ايضاً مثل اول مجيئي اني بحاجة الى من يمضي امامي ليعدّ لي الطريق ويمهد السبل. هذه دعوة العمل الكاثوليكي.

يسوع المسيحصلاة

اللهم انت الهي واليك اشتقت باكراً. اليك ظمئت نفسي وشحب جسمي جوعاً.

في ارض قاحلة مجدبة لا ماء فيها: هكذا شاهدتك في القدس لأرى عزّتك ومجدك. ان رحمتك اطيب من الحياة. لك تسبح شفتاي. طوبى لمن تختاره وتقربه فيسكن في ديارك. فانا قد شبعنا من خير بيتك ، من قدس هيكلك.
(مزمور 62:64)

كما يشتاق الأيل الى مجاري المياه: كذلك تشتاق نفسي اليك يا الله. ظمئت نفسي الى الله، الى الإله الحي: متى آتي واحضر امام وجه الله!…

قد كان لي دمعي خبزاً ليل نهار اذ قيل لي كل يوم: اين الهك؟.. لماذا تكتئبين يا نفسي وتقلقين فيّ؟ ارتجي في الله فاني ساعود اعترف له وهو خلاص وجهي.

الهي تكتئب نفسي فيّ فلذلك اذكرك من ارض الأردن وجبال حرمون. غمر ينادي غمراً على صوت خراراتك! جميع تياراتك وامواجك جازت عليّ.  (مزمور 41)


 

اقسام الكتاب

مقدمة كتاب صوت المسيح
صوت المسيح (1) – تعال اليّ

صوت المسيح (2) – أُطلبني
صوت المسيح (3) – لا تشك أبداً في محبتي
صوت المسيح (5) – إتّحِد بي
صوت المسيح (6) – صلِّ معي

مواضيع ذات صلة
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.