12- في حاجتنا إلى وسيط لدى يسوع المسيح الوسيط بالذات
في حاجتنا إلى وسيط لدى يسوع المسيح الوسيط بالذات
الحقيقة الرابعة. إنَّ الاقتراب من الله بواسطة وسيطٍ، هو أكملُ من التقدم إليه بذاتنا بدون وسيط، لأنه اكثرُ تواضعاً واحتراماً. إنَّ اعمالنا التقوية الشخصية قيمتُها قليلة من ذاتها فلا نقوى على إغرائه للاتحاد بنا او الاستجابة لنا، فاذا اهملنا هؤلاء الشفعاء القديرين، وخطونا نحوه مباشرةً بلا توصية، نُظهرُ قلةَ تواضعٍ وعدمَ احترامٍ، لذا أعدّ لنا الله بمراحمه الغزيرة، وُسَطاءَ لنقدمَ اعمالنا له بواسطتهم. فهل نتجاسر على الدنو من ملكٍ ارضي وحدنا؟ ألا نفضلُ أن يكونَ معنا صديقٌ يوصي بنا؟
يسوع هو محامينا لدى الله الأب، ووسيطُنا في الافتداء. علينا اذن ان نصلي بواسطته مع كل الكنيسة المنتصرة والمحاربة، مقدّمين للآب استحقاقاتِه، لننالَ منه الحُظوى مثل يقوب الصغير الذي حضر امام ابيه اسحق لابساً جلد العنز، ليقبلَ بركتَه. فهل لسنا بحاجة الى وسيط لدى هذا الوسيط بالذات؟ إنه إلهٌ مساوٍ لأبيه في كل شيء، فهو قدوس القديسين، وأهلٌ للاحترام مثل ابيه، فلا يجب ان يقلَ احترامُنا لجلاله وقداستِه، لذا أُرددُ مع القديس برنردس، نعم، إننا بحاجةٍ إلى هذا الوسيط. ومريمُ تقدرُ أن تقومَ بهذا الدور أحسنَ الجميع. فاذا نخاف الدنوَّ من يسوع بسبب عظمتِه اللامتناهية، أو بسبب حقارتنا وخطايانا، لنلتمسَ بثقةٍ عونَ مريم أُمنا وشفيعتنا. إنَّها جميلةٌ وحلوة كالقمر (أناشيد 9:6)، وليس كالشمس التي بتوهج أشعتها تُبهر عيون ضعفِنا. إنها الأمُ المحبة، فلا تُبعد كلَّ من يطلب شفاعتَها مهما كان خاطئاً، وكما يقول القديسون، لم يُسمع قط أنَّ احداً التجأ إليها بثقة وثبات وعاد خائباً. إنها الأمُ القديرة التي لا ترفض طلباً. يكفي أن تمثُلَ امام ابنها سائلةً، ليستجيبَ حالاً، ويقبلَ طلبتَها فوراً.
هذا ما يعلمه القديسان برنردس وبونافنتورا. حسبهما توجد ثلاثُ درجاتٍ للارتقاء نحو الله. الأولى وهي الأقربُ منا والانسبُ لنا، وهي مريم. والثانية هي يسوع المسيح، والثالثةُ هي الله الآب. فللذهاب إلى يسوع، علينا الذهاب بواسطة مريمَ شفيعتِنا، وللذهاب إلى الله الآب، لنذهب بواسطة وسيطنا في الفداء يسوع. هذا هو الترتيب الكاملُ الذي نراعيه في هذه الممارسة.