مقدّمة في العقائد المريمية

2٬723

من أراد أن يتكلم عن مريم، يجب، قبل أي شيء، أن يعلن عظائم الرب ومحبته للإنسان، كل إنسان، وحضوره في وسط أبنائه.  ومن أراد الكلام عن مريم وتكريمها، يجد ذاته ملزما الكلام عن الآب والإبن والروح القدس.

ليست مريم بمثابة إله نبشر به، إنما هي الثمرة الأنضج والأشهى لتدخّل الله وحضوره في وسط شعبه.  فمريم تحمل صفة القداسة إنما لا تحمل صفة الألوهة، هي الإنسانة التي قبلت الرب في حياتها، وهي التي رافقت الرب في مسيرته الخلاصية للإنسان. فالتكلم عن مريم يطيب ويحلُ وينضج متى تكلمنا عنها وهي تتفاعل مع تدبير الله الخلاصي.

ولأن مريم تحتل موقعا مميزا في تدبير الله الخلاصي، بأنها أم ابن الله المتجسد وبكر الخليقة المفتداة، نشأ في الكنيسة ما يسمى “اللاهوت المريمي”، علم كغيره من العلوم، يبحث ليُظهر الحقيقة ويوضح أمامنا صورة مريم، شارحاً ومثبتاً موقعها الذي أراده الله لها.  وهذا اللاهوت له مرجعيته التي تعطيه حيويته وقوته وتجدده.

الكنيسة الكاثوليكية تعتمد على الكتاب المقدس كمرجع أساسيّ لتعاليمها، وبالتالي كل تعاليمها هي لشرح وتوضيح ما اوحي في الكتاب المقدس في عهديه القديم والجديد وهي تسعى جاهدة لفهم تدبير الله المُعلن من خلال الكتاب المقدس، وهي حريصة الحرص الشديد على أن تبقى أمينة لشهادة المعلم يسوع لأبيه، وشهادة الرسل ليسوع.

لذلك، إذا أردنا التكلم عن مريم، فالكتاب المقدس هو المرجع الأول الذي نعود إليه، ومنه ننطلق لنفهم سر مريم، الذي هو سر أمومتها ومرافقتها لابنها يسوع كلمة الله “في البدء كان الكلمة… والكلمة صار بشراً” (يو 1، 1 – 14)، وهو مضمون البشارة الجديدة وهو منتظر الشعوب.

وهنا سنورد نصوص العهد الجديد التي من خلالها يمكننا النظر إلى مريم والتأمل في صورتها:

مريم في نصوص العهد الجديد

حسب إنجيل القديس متى:

1- مريم في نسب يسوع 1، 1 – 17

2- مريم في خدمة الله    1، 18 – 25

3- الطفل يسوع وأمه    2، 1 – 23

حسب إنجيل القديس مرقس:

1- أقرباء يسوع يبحثون عنه     3، 31 – 35

2- يسوع يعود إلى الناصرة      6، 1 – 6

حسب إنجيل القديس لوقا:

1- دعوة مريم: 1، 26 – 38

مريم في الناصرة         1، 26 – 27

الله ومريم                  1، 28 – 29

أم المسيح                  1، 30 – 34

خادمة الله                  1، 35 – 38

2- لقاء مريم وإليصابات: 1، 39 – 45

مريم وإليصابات                   1، 39 – 41

مريم المباركة من الله    1، 42 – 44

مريم المليئة بالإيمان والطوبى 1، 45

3- مريم تُمجّد عظمَة الله: 1، 46 – 55

مريم تمجّد الله                      1، 46 – 49

مريم والله القدوس                  1، 49 – 53

مريم وإبراهيم                      1، 54 – 55

مريم في بيت لحم                  2، 1 – 20

مريم مع طفلها في الهيكل         2، 21 – 40

مريم وابنها في عمر الثانية عشرة 2، 41 – 52

مريم والحياة العلنية ليسوع       8، 19 – 21؛ 11، 27 – 28

حسب إنجيل القديس يوحنا:

1- أم يسوع في قانا         2، 1 – 12

2- أم يسوع تحت الصليب 19، 25 – 27

 

 حسب الكتابات الأخرى في العهد الجديد:

1- مريم في الكنيسة الناشئة          أعمال 1، 14

2- والدة إبن الله                    غل 4، 4 – 5

3- مريم، العلامة في السماء        رؤ 12، 1 –  16

كما ونجد أن الليتورجية احتفلت وأظهرت بعض خصائص مريم أو بعض الحقائق المريمية قبل أن تكون هذه الحقائق موضوع بحث لاهوتي أو موضوع إعلان عقائدي. مثلا على ذلك: شفاعة مريم السماوية، فقد نظمت صلوات تطلب شفاعة العذراء قبل أي إعلان كنسي رسمي عن ضرورة تكريم وطلب شفاعة مريم. وبالتالي أصبح رواج إحتفال ليتورجي معين بمثابة عمل الروح في وسط شعبه، فمثلا رواج عيد الحبل بلا دنس وانتشاره قبل إعلان عقيدة الحبل بلا دنس اعتبر بمثابة برهان على هذه الحقيقة اللاهوتية.

بعض العلوم اللاهوتية التي تجد في مريم صورة لها، بمعنى آخر المجالات اللاهوتية التي تنكشف وتتضح لنا من خلال صورة مريم. فاللاهوت المريمي وصورة مريم هما مركزيان بالنسبة للعلوم اللاهوتية الأخرى، لأن العديد والكثير من الأحداث اللاهوتية والخلاصية تمت بحضور فاعل لمريم، مثل: التجسد، تقدمة يسوع للهيكل، عرس قانا، موت المسيح على الصليب، وحلول الروح القدس يوم العنصرة،…

إذا العمل الليتورجي يحتفل بسر المسيح وتاريخ الخلاص، ولأن الكتب المقدسة هي مصدر النصوص الليتورجية، فنجد إن الليتورجية تظهر إشتراك مريم مع إبنها بالعمل الخلاصي، وهذا الإشتراك هو على مستويين:

المستوى الأول هو مستوى عرضي وهو أن مريم هي مخلوق وكائن بشري مُخلَّص

والمستوى التاني وهو مستوى فعلي إذ نجد مريم، وبحسب التدبير الإلهي، الرفيقة الدائمة للمخلّص.

كذلك أيضا الليتورجية تجعل من مريم بالنسبة للكنيسة “المثال المقدَّس”، فالليتورجية بقدرتها على تأوين وعيش الحدث، تضع أمام المؤمنين، مريم بنت الناصرة، مثال للفضائل، مثال حي وديناميكي يشجع الإنسان على الصيرورة كمريم، إذ إن هذه الصيرورة كمريم، كما تبدو للإنسان، هي أسهل من الصيرورة كالإبن يسوع.

 عقائد مريمية

مواضيع ذات صلة
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.