الإحتفال بعيد “يسوع الملك” وإعلان قداسة ستة طوباويين

634
البابا يحتفل بعيد يسوع الملك في الفاتيكان
البابا يحتفل بعيد يسوع الملك في الفاتيكان

بمناسبة الإحتفال بعيد “يسوع الملك” المصادف نهار الأحد 23 نوفمبر 2014، ترأس قداسة البابا فرنسيس القداس الإلهي، في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، وأعلن خلاله قداسة ستة طوباويين جدد.

إستهل البابا العظة بالقول: تدعونا الليتورجيا اليوم لنحدق النظر بيسوع ملك الكون. وتذكرنا صلاة المقدّمة بأن مُلكه هو “مُلك حقٍّ وحياة، مُلك قداسة ونعمة، مُلك عدل وحبٍّ وسلام”. والقراءات التي سمعناها تظهر لنا كيف حقق يسوع ملكه في التاريخ وما يطلبه منا. وكيف حقق يسوع الملكوت: بالقرب منا والحنان، إنه الراعي الذي تحدث عنه النبي حزقيال في القراءة الأولى.

بعدها أشار البابا إلى الأفعال التي تكوّن منها  هذا النص والتي تشير إلى عناية الراعي ومحبته تجاه قطيعه فهو يفتقده وينقذه من التشتت، يرعاه ويربضه، يتَطلَّبُ المَفقودَةَ من الغنم وَيردُّ الشَّارِدَةَ ويُجبر المَكسورَةَ ويقوّي الضَّعيفَةَ ويحفَظُ السَّمينَةَ والقَوِّية، ويرعاها بِعَدل، وقال: هذه المواقف جميعها أصبحت واقعاً بيسوع المسيح: “راعي الخراف العظيم وحارس نفوسنا”، ونحن الذين دُعينا في الكنيسة لنكون رعاة لا يمكننا أن نبتعد عن هذا المثال لكي لا نُصبح أجراء. بعد إنتصاره، أي بعد قيامته كيف تابع يسوع تحقيق ملكوته؟ يكتب القديس بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنتس: “فلا بُدَّ لَه أَن يَملِكَ، حتَّى يَجعَلَ جَميعَ أَعدائِه تَحتَ قَدَمَيه”. فالآب هو الذي يُخضع كل شيء للإبن، وفي الوقت عينه يُخضع الإبن كل شيء للآب لأن يسوع ليس ملكاً بحسب فكر هذا العالم لأن المُلك بالنسبة له ليس بالتسلط وإنما بالطاعة للآب والإستسلام له لكي يتمّ مخططه للمحبة والخلاص. لذلك فإن زمن ملك المسيح هو زمن إخضاع كل شيء للإبن وتسليم كل شيء للآب، “والمَوتُ آخِرُ عَدُوٍّ يُبيدُه”. وفي النهاية عندما يصبح كل شيء تحت ملوكيّة يسوع، ويُخضع يسوع نفسه إلى الآب، يصبح الله كلَّ شيء في كلِّ شيء (راجع 1 كور 15، 28).

أما الإنجيل، فيخبرنا ما يطلبه منا ملكوت يسوع: يذكرنا بأن القرب والحنان هما قانون الحياة بالنسبة لنا أيضاً وعليه سنُحاسب. إنه مثل الدينونة الأخيرة، سيقول الملك: “تَعالَوا، يا مَن بارَكَهم أَبي، فرِثوا المَلكوتَ المُعَدَّ لَكُم مَنذُ إِنشاءِ العَالَم: لأَنِّي جُعتُ فأَطعَمتُموني، وعَطِشتُ فسَقَيتُموني، وكُنتُ غَريبًا فآويتُموني، وعُريانًا فَكسَوتُموني، ومَريضًا فعُدتُموني، وسَجينًا فجِئتُم إِلَيَّ” (متى 25، 34- 36). فيجيبه الأبرار: متى فعلنا هذا كلّه؟ فيُجيبُهُمُ المَلِك: “الحَقَّ أَقولُ لَكم: كُلَّما صَنعتُم شَيئًا مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه” (متى 25، 40). فالخلاص لا يبدأ بالإعتراف بملوكية يسوع وإنما بالإقتداء بأعمال الرحمة التي حقق من خلالها الملكوت. فالذي يعملها يُظهر بأنه قد قبل ملوكيّة يسوع لأنه قد أفسح في قلبه مكاناً لمحبّة الله. وفي مساء الحياة سنُحاسب على المحبة والقرب والحنان تجاه الإخوة. فيسوع بإنتصاره فتح لنا ملكوته، لكن الدخول في هذا الملكوت متوقف على كل فرد منا، ابتداءً من هذه الحياة وذلك بالاقتراب الملموس من الأخ الذي يسأل الخبز والكسوة، القبول والتضامن. فإن أحببنا حقاً ذلك الأخ أو تلك الأخت ينبغي علينا أن نتقاسم معه أو معها أثمن ما لدينا أي يسوع نفسه وإنجيله.

تابع البابا فرنسيس يقول: اليوم تضع الكنيسة أمامنا هؤلاء القديسين الجدد الذين من خلال أعمال تكرسهم السخي لله والإخوة، خدموا ملكوت الله كل في بيئته، وأصبحوا ورثة له. كل فرد منهم أجاب بإبداع على وصية محبة الله والقريب. لقد كرسوا أنفسهم بدون تحفظ لخدمة الآخرين من خلال الإهتمام بالمحتاجين والمرضى، بالمسنين والحجاج، ولم يكن تفضيلهم للصغار والفقراء إلّا إنعكاساً لمقياس محبة الله غير المشروطة، في الواقع، لقد بحثوا عن المحبة وإكتشفوها في العلاقة القوية والشخصية مع الله والتي منها تفيض المحبة الحقيقية للقريب. لذلك وفي ساعة الدينونة سمعوا هذه الدعوة العذبة: “تَعالَوا، يا مَن بارَكَهم أَبي، فرِثوا المَلكوتَ المُعَدَّ لَكُم مَنذُ إِنشاءِ العَالَم”.

وختم البابا فرنسيس عظته قائلاً: من خلال رتبة إعلان القداسة اعترفنا مجدّداً بسرّ ملكوت الله وكرّمنا المسيح الملك، الراعي الممتلئ بالمحبة لقطيعه. لينموا فينا هؤلاء القديسين الجدد من خلال مثلهم وشفاعتهم فرح السير في درب الإنجيل والقرار بإتخاذه بوصلة لحياتنا. لنسِر على خطاهم ونقتد بإيمانهم ومحبتهم لكي يتّشح رجاؤنا أيضاً بالخلود، فلا نسمحنَّ للاهتمامات الأرضية والعابرة بأن تثنينا عن مسيرتنا. ولتقدنا في المسيرة نحو ملكوت السماوات أمنا مريم سلطانة جميع القديسين.

مواضيع ذات صلة
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.