عقيدة الشفاعة

6٬305

شفاعة القديسين

مفهوم الشفاعة

معنى الشفاعة هو التوسط بين اثنين، وتعني أيضاً المحاماة عن الغير، وتشمل أيضاً معنى التوسل لأجل الآخرين.

أنواع الشفاعة

إن القارئ المدقق في الكتاب المقدس يعرف جيداً أن هناك ثلاث أنواع للشفاعة سنوضحها بالآيات فيما يلي:

 

أولاً: الشفاعة الكفارية

وهي الشفاعة التي يقوم بها الإنسان يسوع المسيح وحده لأنه الشخص الوحيد الذي سُفك دمه على الصليب ليكفر عن خطايانا إذ يقول معلمنا بولس الرسول: “لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح” (1تي5: 2) وأيضاً يقول معلمنا يوحنا الرسول: “إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا” (1يو1: 2،2)، “من هو الذي يدين. المسيح هو الذي مات بل بالحري قام أيضاً الذي هو أيضاً عن يمين الله الذي أيضاً يشفع فينا” (رو34: 8)، “فمن ثم يقدر أن يخلّص أيضاً إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حيّ في كل حين ليشفع فيهم” (عبر25: 7)، “لذلك أقسم له بين الأعزاء ومع العظماء يقسم غنيمة من أجل أنه سكب للموت نفسه وأُحصي مع أثمة وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين” (أش12: 53)، “فرأى أنه ليس إنسان وتحيّر من أنه ليس شفيع. فخلّصت ذراعه لنفسه وبره هو عضده” (أش16: 59).

 

ثانياً: الشفاعة النيابية

 

شفاعة الروح القدس
وهي الشفاعة التي يقوم بها الروح القدس في قلوبنا كما يقول معلمنا بولس الرسول: “وكذلك الروح أيضا يعين ضعفاتنا. لأننا لسنا نعلم ما نصلّي لأجله كما ينبغي ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنّات لا ينطق بها” (رو26: 8).

يلاحظ أن النيابية هي في قلوبنا. وبالأنّات التي لا يُنطق بها بينما شفاعة المسيح الكفارية هي أمام الآب في السماء وهي شفاعة بالدم المسفوك على الصليب.

 

ثالثاً: الشفاعة التوسلية

هي توسلات وتضرعات وصلوات المؤمنين بعضهم لأجل بعض من منطلق المحبة وعضوية جسد المسيح، وهي ثلاثة أنواع:

 

لماذا نطلب شفاعة القديسين؟ألم يوصِ المسيح أن نصلي لله فقط و ليس للقديسين؟ هل يستطيع القديسون أن يسمعوا صلواتنا و يستجيبوا لها وهم أموات؟ هل يوجد مخلّص آخر سوى المسيح؟ ولماذا نحتاج إلى وسطاء بيننا وبين المسيح؟
هذه اسئلة تقليدية لجميع البروتستانت تقريباً ولسواهم، ممن لا يعرفون الكتاب المقدس والكنيسة حق المعرفة .
«وَلَيْسَ هُوَ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ، لأَنَّ الْجَمِيعَ عِنْدَهُ أَحْيَاءٌ».(لوقا20 :38) يُظهر الرب يسوع أن إبراهيم واسحق ويعقوب هم أحياء عند الله ولسيوا أمواتاً.
ومثل الغني ولعازر (لو 16: 19-31) الغني لم ينسَ إخوته حتى بعد موته.
وفي تجلّي الرب على الجبل (متى17: 1-9) ظهر موسى حياً وتحدث إلى يسوع .
وفي رسالة بولس إلى أهل فيلبي1: 23-24 يقول: ” لي اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدا. 24 ولكن أن أبقى في الجسد ألزم من أجلكم “. فلو كان الإنسان بعد موته يدخل في حالة غير واعية مثل الرقاد أوالنوم، لما فضّل بولس أن يموت و”ينام” ويصير “غير واعٍ”، بل حتماً لكان قد فضّل أن يظلّ حياً في شركة واعية مع المسيح.
وفي سفر الرؤيا رأى يوحنا أربعة وعشرين شيخاً “يخرّون ويسجدون للحي إلى الأبد” (رؤ4: 4-10). هؤلاء الشيوخ هم الذين قد اشتراهم الخروف بدمه من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة (رؤ5: 9). لهذا فهؤلاء الشيوخ ليسوا ملائكة بل بشراً قديسين، يقدمون بخوراً الذي هو صلوات القديسين (رؤ 5: 8 ).
أيضاً رأى يوحنا ” نفوس الذين قتلوا من اجل كلمة الله ومن اجل الشهادة التي كانت عندهم ” (رؤ6: 9). فهل كانت هذه النفوس في حالة رقاد وغير واعية؟ طبعاً لا. لأن النص يقول: ” وصرخوا بصوت عظيم قائلين حتى متى أيها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض؟ ” (رؤ6: 10)؟.
إذاً كل القديسين الراقدين في المسيح هم “أمام عرش الله”، أحياءً، يسجدون له ويصرخون له، ولا ينسون الذين على الأرض” (رؤ6: 10).

أين هي صلوات القديسين هنا؟ إنها مقدمة من ملاك مع البخور “على مذبح الذهب الذي أمام العرش” (رؤ8: 3-4).لكن المعارضون يقولون: إن القديس بولس يتكلم عن الموتى كراقدين (اتس4: 13)، وبالتالي لا يستطيع الراقدون أن يسمعونا. في النص المقتبس هنا يتحدث بولس إلى الذين فقدوا أحداً بالموت لكي يعزّيهم لكي لا يحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم (1تس4: 13). فالموتى بالنسبة لنا نحن الأحياء هنا يبجون راقدين، لا حياة فيهم، ولا يسمعون ولا يتحركون. هذا بالنسبة للناحية الجسدية، لكنهم أحياء روحياً عند الله.

كيف نعرف أنهم أحياء عند الله؟
يقول يسوع: “أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي وإن مات فسيحيا” (يو11: 25). بل قد انتقل من الموت إلى الحياة” (يو5: 24). والرقاد هو النوم كما فهمه الرسل لمّا قال لهم يسوع إنّ لعازر رقد. وبما أنّ روحه ستعود إليه مثل ابنة يايروس (لو8: 55). فالموت هنا رقاد لأن لعازر سيقوم. فهو حيّ لم يمت. لكن إن كان الله إله أحياء لا إله أموات، فكيف يموت من آمن بالمسيح؟ من الواضح هنا أن الموت ليس بعد موتاً. كل المسيحيين سيموتون جسدياً. لكنهم لا يموتون روحياً. فالموت يفصلهم جسدياً عن الأحياء هنا ولكنه لا يفصلهم روحياً عن الله. الخطيئة وحدها تفصلنا عن الله. أيضاً بما أن كل المسيحيين هم أعضاءٌ في الكنيسة، جسد المسيح الواحد، إذ، “لا موت ولا حياة .. نقدر أن تفصلنا عن محبة الله” (رو8: 38-39). وبما “أن المحبة لا تسقط أبداً” (1كور 13: 8 )، فلا توجد قوة للموت علينا. فالمسيح قد قهر الموت بموته .

السؤال هنا: حتى لو كان الراقدون بالمسيح أحياء عند الله، فعلى أي أساس نصلي إلى القديسين طالبين شفاعتهم؟

يقول القديس بولس: “فاطلب أول كل شيء أن تقام طلبات وصلوات وابتهالات و تشكرات لأجل جميع الناس ” (1تيمو2: 1). إذاً كان بولس يطلب من كل المسيحيين أن يصلّوا لأجل جميع الناس، فكم بالأحرى أن يطلب من القديسين الذين سبقونا، خاصة أنهم أقرب إلى المسيح لهذا إذا طلبنا من القديسين أن يصلّوا من أجلنا فإننا نحقق وصية الرسول ، ونحن على ثقة بأن المسيح سيسمع هذه الصلوات لأنها مقدمة أمام عرشه السماوي (رؤ8: 3).

هنا قد يقول المعارضون: ألم يقل الكتاب: “لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح ” (1تيمو2: 5). لماذا نطلب وسيطاً آخر ولدينا وساطة يسوع؟
ونحن نسأل بدورنا: ماذا يعني بولس هنا بكلمة “وسيط”؟ إنه لا يتكلم عن وساطة الصلاة، بل عن المصالحة بين الإنسان الساقط والله بيسوع المسيح الذي وهو الله قد صار إنساناً ليتمّم هذه المصالحة. لو كان بولس يقصد أنه لا يوجد شفيع بالصلاة سوى يسوع فلماذا يطلب أن تُقام صلوات لأجل جميع الناس (1تيمو2: 5)؟ لماذا يطلب بولس مني أن أصلي للآخرين؟ ألا يستطيع الآخرون أن يصلوا من أجل أنفسهم؟ طبعاً يستطيعون، ولكن الله يريدنا أن نكون لحمة واحدة بالصلاة، لهذا نطلب من القديسين، الأحياء والذين سبقونا أن يصلوا من أجلنا. وفي الحقيقة فالذين هم في السماء يستطيعون أن يصلوا لنا أكثر بدون انقطاع.

لكن لماذا يجب أن أطلب شفاعة القديسين وأن يصلوا من أجلي؟ ألا يقول الكتاب إن المسيح وحده هو المخلّص، وبالتالي لماذا لا أصلي له وحده، لأنه سيسمعني حتماً؟ أنا سأوجه هذا السؤال لبولس نفسه، وأسأل، لماذا يا بولس تريديني أن أصلي لأجل جميع الناس (1تيمو2: 5)؟ ألا يستطيع الناس أن يصلّوا لأجل أنفسهم؟

أولاً بالطبع إن المسيح هو المخلص وحده. لكننا لا يمكننا أن نهمل شركة القديسين وشفاعتهم، لأن المسيح نفسه يريدنا أن نفعل هذا. فالمسيح من جهة هو المخلص، لكن الكتاب يقول:

المسيحي يخلّص أيضاً (يع5: 20 ؛ يهو22: 23)؛ القديس بولس يخلّص (رو11: 14)؛ الكرازة تخلّص (1كور1: 21؛ 1تيمو4: 16)؛ المعمودية تخلّص (1بط3: 21)؛ الصلاة تخلّص (يع5: 15)؛ الملائكة تخلّص (أشعيا63: 9).

كيف يخلّص هؤلاء جميعاً؟ أبقوتهم؟ أم بتقواهم؟ بالطبع بالمسيح، وفي المسيح ومع المسيح، وبدون المسيح لا يوجد خلاص.
بالطريقة نفسها تخلّصنا صلوات القديسين بالمسيح فقط، لأن المسيح نفسه قال: “إن ثبتم في وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم ” (يو15: 7).
أي إذا طلب القديسون من أجلنا في الصلاة إلى الرب سيستجيب الرب لهم. إذاً شفاعة القديسين لنا تحقق وصية الرب أن نحب بعضنا بعضا (يو15: 12)، وأن نصلي معاَ (متى18: 19؛ 1تيمو2: 1؛ كولوسي4: 2-4؛ أفسس6: 18). فلا أحد يُخلَّص وحيداً في كنيستنا الرسولية . لأننا كلنا جسدٌ واحدٌ، إيمانٌ واحد، وصلاة واحدة، ولا أحد يكمل بدون الآخرين (عبرانيين11: 39-40). إن الإيمان بالمسيح يقودنا إلى المعمودية فنصير أعضاء في جسد المسيح، الكنيسة، فنصلّي من جهة إلى الله، ومن جهة أخرى نطلب من المسيحيين على الأرض وفي السماء، أن يصلّوا من أجلنا (أن يتشفّعوا) إلى المسيح في خلاص نفوسنا. هكذا نحقق كوننا واحداً في المسيح كما طلب المسيح نفسه إلى الله الآب (يوحنا17: 21) ….

 

ذخائـر القديسين:
هناك من لا يؤمن بذخائر القديسين ويجادلون المؤمنين بهذا الأمر وكأن ذخائر القديسين وشفاعتهم هي السبب لعدم إيمانهم بعقائد الكنيسة الجامعة المقدسة الرسولية. لذلك رأيت انه من المناسب الحديث عن هذا الموضوع لعلاقته المباشرة بشفاعة القديسين.
عند إجراء مسابقات في الكتاب المقدس قد يطرح السؤال التالي (ميت يُحي ميت من هو!!) نقرأ في العهد القديم:” و مات أليشع فدفنوه و كان غزاة مواب تدخل على الأرض عند دخول السنة .وفيما كانوا (الإسرائيليين) يدفنون رجلا إذا بهم قد رأوا الغزاة فطرحوا الرجل في قبر أليشع فلما نزل الرجل و مس عظام أليشع عاش و قام على رجليه”2ملوك20:13 –21 “. فقال إشعياء خذوا قرص تين فاخذوها و وضعوها على الدبل فبرئ” 2ملوك7:20.
ونقرأ في العهد الجديد:” و إذا امرأة نازفة دم منذ اثنتي عشرة سنة قد جاءت من ورائه و مست هدب ثوبه” (متى 20:9-21، مرقس 22:5، لوقا 41:8-42)، “و طلبوا إليه أن يلمسوا هدب ثوبه فقط فجميع الذين لمسوه نالوا الشفاء” متى 36:14.

وما يقال عن ذخائر المسيح يقال عن ذخائر قديسيه:
“حتى انهم كانوا يحملون المرضى خارجا في الشوارع و يضعونهم على فرش و أسرة حتى إذا جاء بطرس يخيم ولو ظله على أحد منهم” أعمال 15:5، “و كان الله يصنع على يدي بولس قوات غير المعتادة حتى كان يؤتى عن جسده(جسد القديس بولس الرسول) بمناديل او مازر الى المرضى فتزول عنهم الأمراض و تخرج الأرواح الشريرة منهم”أعمال 11:19-12.
وهل في الختام من برهان أكبر من قول السيد المسيح في يوحنا 12:14:” الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فالأعمال التي أنا اعملها يعملها هو أيضا و يعمل اعظم منها لاني ماض إلى ابي”.

شفاعة السيدة العذراء

شفاعة مريم العذراء

إن العذراء عندما رفعت احتياج الناس لابنها (ليس لهم خمر) لم تكن تلفت نظره إلى حدث فاته ولم تكن تحاول الحصول على موافقة صعبة ولكن وساطتها تكون بسبب اتحاد قلبها الرقيق برحمة ابنها وشفقته وموقفها النبيل يعبر عن محبة ابنها وحنانه غير المحدودين إنها وهي الأم التي تعرف قلب الابن تفجر فيه ينابيع الحب تجاه البشر وتشفع فينا لتستجلب مراحم الله الصادقة ولكنها أيضًا فيما تشفع فينا توجهنا أن نطيعه “مهما قال فافعلوه” (يو 2:5). فرسالة العذراء لنا أن نطيع ونخضع وننفذ مشيئة الله فيا ونحن دائمًا الرابحين لأن إرادة الله لحياتنا هي دائمًا للخير والبنيان.

لقد صارت العذراء أمًا لكل البشرية عندما قرر المسيح على الصليب مخاطبًا إياها بخصوص يوحنا الحبيب “يا امرأة هوذا ابنك” (يو 26:19) وليوحنا “هوذا أمك” (يو 27:19) لم يكن يوحنا هنا إلا نموذجًا للبشرية المخلصة المحبوبة والتي ترافق السيد حتى في آلامه.. إن كل نفس تشارك المسيح صليبه وترافقه في آلامه تنصير ابنًا للعذراء إن مكان لقاء العذراء مع يوحنا وارتباطها برباط الأمومة والبنوة كان أمام الصليب يا سيدى هبنى صليبًا يجعلنى ابنًا لأمك.. إن كل آلام الصليب تهون واستخفت بها… في مقابل أن أكون ابنًا لأمك البتول آخذها إلى خاصتى (يو 27:19) وتصير معى في مسكنى تشاطرنى الأكل والصلاة… النوم والسهر الخدمة والخلوة… كأم معينة ومنقذة في الشدائد.
ترتكز إذن شفاعة مريم العذراء على كونها أمّ المسيح الفادي، وعلى كونها اشتركت مع ابنها في عمله الخلاصي، وبذلك صارت أمًّا للمؤمنين الذين هم أعضاء جسد المسيح. ويشير المجمع إلى قول القدّيس أوغوسطينوس: مريم هي “أمّ أعضاء المسيح… لاشتراكها بمحبّتها في ميلاد المؤمنين في الكنيسة الذين هم أعضاء هذا الرأس” (رقم 53). جوابًا على الذين يتردّدون في الاعتراف باشتراك مريم العذراء في الفداء، يجدر التنبّه الى التعبير الذي يستخدمه القدّيس أوغسطينوس والذي يورده المجمع: إنّ مريم “اشتركت بمحبّتها في ميلاد المؤمنين في الكنيسة”. وهذا يعني أنّ اشتراكها ليس على مستوى العمل الخلاصي الذي قام به المسيح بموته وقيامته. فالمسيح هو إله وإنسان، ولذلك هو مخلّصنا الأوحد. والعذراء لا يمكن أن تدعى “شريكة ابنها الإلهي في الفداء” بالمعنى الكامل، بل يمكن القول فقط إنّها أسهمت مع ابنها بمحبّتها وطاعة إيمانها، كما يقول بولس الرسول عن الرسل: “فإنّنا، نحن، عاملون مع الله” (1 كو 3: 9)، و”معاونو الله” (2 كو 6: 1).

– استجاب الله لشفاعة السيدة العذراء في عرس قانا الجليل رغم أن ساعته لم تكن قد جاءت بعد:”وفي اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل وكانت أم يسوع هناك. ودعي أيضا يسوع وتلاميذه إلى العرس. ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له ليس لهم خمر. قال لها يسوع ما لي ولك يا امرأة.لم تأت ساعتي بعد. قالت أمه للخدام مهما قال لكم فافعلوه. وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك حسب تطهير اليهود يسع كل واحد مطرين أو ثلاثة. قال لهم يسوع املأوا الأجران ماء. فملأوها إلى فوق. ثم قال لهم استقوا الآن وقدموا إلى رئيس المتكأ .فقدموا.” (يو 2: 1-8).

لماذا نكرّم السيدة العذراء ونطلب شفاعتها:

أية شفاعة أعظم، وأية استجابة أسرع من هذه، إن كانت السيدة العذراء قد توسلت من أجل أصحاب الحفل في أمورهم المادية واستجاب لها الرب، أليس بالأولى أن نطلب شفاعتها من أجلنا لكي تطلب من ابنها الحبيب من أجل حياتنا الروحية والجسدية.

وكما سبق لا نستطيع أن ننكر شفاعة العذراء من أجلنا بدعوى إنها انتقلت الآن فما زالت العذراء عضو في الكنيسة وجسد المسيح تشفع في أبنائها المحتاجين إلى صلواتها وطلباتها وتوسلاتها من أجلهم أمام عرش النعمة. ولعل وجودها الدائم معنا من خلال ظهوراتها المتكررة في كل مكان في العالم – والتي لا يستطيع أحد إنكارها بعد أن رأيناها بعيوننا – والمعجزات الكثيرة التي تقوم بها هو خير دليل على اهتمامها بنا.

ولكننا ينبغي أن نعلم أننا حينما نطلب شفاعة العذراء والملائكة وتوسلات وصلوات القديسين من أجلنا فإننا لا نقدم لهم الصلاة أو العبادة، فالعبادة والصلاة لا تقدم إلا لله الواحد المثلث الأقانيم. وإنما نحن نطلب منهم كأحباء لنا، مثلما يطلب الطفل الصغير من أمه أن تطلب من أبيه من أجله، رغم أن الأب يحب الابن ويفرح بتلبية جميع طلباته إن كانت في صالحه.

 

شفاعة العذراء مريم – شهادة بعض القديسين.

1- كل من يرغب أن يحصل على نعمةٍ من عند الله، عليه أن يقترب من هذه الشفيعة، أن يقترب منها بكل إخلاص، كونها أم الرحمة، وتملك كل شيء في ملكوت عدل الله، فلا يمكنها أن ترفض توسّلك . -كالبحّارة الذين يهتدون بنجمةٍ مضيئةٍ لتقودهم صوب المرفأ، كذلك المسيحيّون يهتدون بمريم صوب السماء.
(القديس توما الأكويني)- معلّم الكنيسة-

2- إننا لا نكرّم يسوع بالأكثر، الا عندما نكرّم أمّه مريم. ونكرّمها ببساطة لتكريم يسوع إن مريم تصوّر فينا ابنها يسوع وتجعلنا شبيهين به عندما نصلي لها بشكل دائم إن ابن الله صار انساناً لخلاصنا، فقط في مريم وعبر مريم لا يتأمّل ذلك الانسان نظرة رحمةٍ من الله، الذي يهين والدته القدّيسة.
-القديس لويس-ماري دو مونفور-

3- نتحد مع أمك الطاهرة، كي نرفع تمجيداً يليق برحمة الرّب فيصبح نشيداً أكثر ارضاءاً لك، لأنّك اخترتها من بين البشر والملائكة لقد مرّت رحمتك الينا من خلاله كما من خلال البلور من خلالها أصبح الانسان مرضيّا لله من خلالها فاضت علينا ينابيع الرحمة.

-القديسة فوستين للرحمة الالهيّة-4- كل النعم التي يعطيها الله ، تمرّ عبر مريم.بعض الناس مجانين، عندما يعتقدون أن باستطاعتهم المضيّ في حياتهم دون مساعدة الأم المباركة. عندما، ندرك أهميّة دور مريم في حبلها الالهي، نكون خَطونا أوّل خطوة في مسيرة خلاصنا. مريم، هي أمّ كلّ الأمّهات. إبقوا دائماً بالقرب من هذه الأم السماويّة، لأنها ذلك البحر الذي علينا عبوره لنلمس شواطئ الفردوس الأبديّ
-بادري بيو-

5- إننا لا نستطيع أن نكون مسيحيين إن لم نكن مريميين لقد أتى يسوع إلينا عبر مريم و يريدنا الذهاب إليه على الدرب عينه القدّيسة
-القديسة فيرونيكا جولياني-

6- من لا يرغب بأن يتّخذ مريم العذراء أماً له، لن يحظَ بالمسيح أخاً له !
لا تخف أبداً من أن تحبّ العذراء القديسة جداً جدًا. فإنك لا يمكنك أن تحبّها كما أحبّها يسوع -العذراء وحدها تسلّمت من الله وعد الانتصار على الشيطان. هي تطلب نفوساً تتكرّس كليّاً لها، لتصبح بين يديها أسلحةً قويّةً تستخدمها لهزم الشيطان ولنشر ملكوت الله.
-القديس ماكسيليمان كولبي- (معلّم وشهيد في الكنيسة)

7- ان مريم هي عالم الله الحيّ … إن المُخلَّصين المُعدّين لوارثة الملكوت السماوي هم مقيمون طيلة حياتهم في العالم في أحشاء مريم، ولا يرون النّور الّا عندما تلدهم هذه الأم الصالحة للحياة الأبديّة.-القديس أوغسطينوس-

8- لنضع ذواتنا إذاً عند قَدَم مريم، ولنغمرها. ولا ننهض إلّا وقت تباركنا، وتقبلنا كأولادٍ لها. “إذا تنهّدت العذراء أمام بنها فإنه يستجيب لها أكثر من صلوات القديسين جميعاً مجتمعين
-القديس برنار من كليرفو- (معلّم الكنيسة)

9- من خلال الاتّحاد المشترك للآلام وللارادة بين يسوع ومريم، استحقت هي أن تصبح، بتمام الاستحقاق، مصلّحة العالم الضائع، ولهذا فهي موزّعة كلّ النّعم
-البابا القديس بيوس العاشر-

10- “إذا أردتم أن تخلصوا بسهولة صلّوا للعذراء مريم فهي تسهّل خلاصكم”.
-القديس شربل-

 

معجزات عن طريق الصور :
إذا أنكر أحد أن باستطاعة القدرة الإلهية أن تقوم بمعجزات عن طريق الصور والتماثيل الروحية فليقرأ عن الحية النحاسية التي أمر الله تعالى موسى بصناعتها، لا للعبادة بل للشفاء والخلاص، وأشار إليها الرب يسوع المسيح له المجد بأنها رمز للمسيح المصلوب (يوحنا 14:3)” و كما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يُرفع ابن الإنسان”.
“فصلى موسى لأجل الشعب (الذين كانوا قد تكلّموا على الله وموسى فأرسل إليهم الله تعالى حيّات ناريّة) فقال الرب لموسى اصنع لك حية محرقة (وهو تعالى القائل: لا تصنع لك صورة ولا منحوتاً..) و ضعها على راية فكل من لدغ ونظر إليها يحيا فصنع موسى حية من نحاس ووضعها على الراية فكان متى لدغت حية إنسانا و نظر إلى حية النحاس يحيا” سفر العدد5:21-9.

يستنتج المرء من الحادثة المذكورة ومن شفاء كل من كان ينظر إلى الحية النحاسية أن الله لم يُحرّم صنع الصور والتماثيل بل الأصنام، وأن في بعض الصور والتماثيل المقدسة بقوّة الله، قدرة على الشفاء، كما ندرك شفاعة القديسين على غرار موسى. أما الحية النحاسية والسارية فلم يرذلهما الله لا في العهد القديم ولا في العهد الجديد إذ شهد السيد المسيح فيها إشارة إلى شخصه المصلوب والى صليبه الكريم المحيي.

مواضيع ذات صلة
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.