فرح الميلاد

1٬709

هدية الميلاد

حدث ذلك اياماً قبل عيد الميلاد . هبّت عاصفة شديدة على مدينة مجاورة، فحطمت المنازل وشـّردت الأسر، وقد أبرز التلفاز صورة لامرأة تقف أمام حطام بيتها وإلى جوارها يقف طفلها مرتجفاً من البرد بينما تعلقت طفلتها الصغيرة في ذيل فستان أمها وهي تنظر الكاميرا بنظرة ملؤها الخوف.

تأثرتُ لمنظر هذه الأسرة ووجدتها فرصة أعلـّم فيها أطفالي الثلاثة كيف يمكنهم مساعدة الآخرين. شرحت لهم ظروف العائلة، ثم قلت: “إننا نملك الكثير بينما لا تملك هذه العائلة البائسة شيئاً، لذا يمكننا أن نتقاسم مالنا معاً ثم أحضرت ثلاثة صناديق ووضعتها في حجرة المعيشة وبدأت أملأ الصندوق الأول بالمعلبات والحلوى ثم طلبت منهم أن يقدموا من ألعابهم ما لا يحتاجونه، فجاء ابناي بلعبهما التي تكسرت ووضعاها في الصندوق. وبينما كنت أملأ الصندوق الثالث بالملابس، فوجئت بابنتي الصغيرة تأتي بعروستها المفضلة التي تحبها أشد الحب.

انحنت واحتضنتها وقبلتها ووضعتها برفق في الصندوق. قلت لها “لماذا تقدمين عروستك المحبوبة؟ أجابتني ابنتي والدموع تملأ عينيها: إن عروستي هي سر سعادتي، فلماذا لا أعطيها لهذه الطفلة البائسة لتفرّح قلبها أيضاً.

نظرت لطفلتي وأدركت أن كل إنسان يستطيع أن يعطي ما لا يحبه بينما العطاء الحقيقي أن نعطي أكثر الأشياء التي نُحب.

وبدون أي تعليق ذهب ابني الأكبر وكذلك الأصغر لحجرتهما وأحضرا ألعابهما المفضلة فقد أدركوا معنى العطاء الحقيقي أكثر مني. فأمسكت دموعي واحتضنتهم بين ذراعي وقبلتهم ثم خلعت عني سترتي التي أحبها، ووضعتها في الصندوق.
في صباح اليوم التالي وكان ليلة عيد الميلاد اخذت اولادي الى المدينة المجاورة وبحثنا عن العائلة التي شاهدناها في التلفاز وسرعان ما وجدنا الام والطفلين في مركز اقيم خصيصا لضحايا الاعصار فاعطيناهم هدايانا ودعوناهم لمشاركتنا في احتفالات العيد فقبلوا فرحين. كم كان عظيماً فرحنا بوجودهم معنا في قداس العيد ومن ثم في جلوسهم معنا على مائدة الطعام.

حقاً “مغبوط هو العطاء اكثر من الأخذ”!

مواضيع ذات صلة
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.