كتاب سيرة نفس، حياة القديسة تريزا الطفل يسوع
كتاب سيرة نفس، حياة القديسة تريزا الطفل يسوع pdf
ان القديسة تريزا الصغيرة في غنى أن تعرف وقد ذاع صيتها في العالم بأسره، ليس فقط بين الشعب الكاثوليكي، بل تعداه إلى غيره، وذلك بفضل ما تظهره القديسة من عجائب رائعة تقوم دليلاً قاطعاً وحجة ناطقة على سمو قداستها وعظم قدرها. لنا أن نقول في تفسير ذلك ان القديسة تريزا كانت أمينة في الوفاء بالعهد الذي قطعته على نفسها قبل مغادرة الدنيا الفانية، حين قالت: “أريد أن أصرف سمائي في عمل الخير على الأرض”. غير انه وان كان اسمها معلوماً لكل أحد، فإن الكثيرين من الكاثوليك أنفسهم يجهلون تفاصيل سيرتها وما انطوت عليه من سمو القداسة وعلى الفضائل.
لقد امتازت حياة القديسة تريزا بالبساطة والبعد عن التقشفات الجسيمة والاماتات المضنية، ومع ذلك لم تأت إلى العالم بتعليم مستحدث، ولا هي أرشدتنا إلى سبيل جديد في بابه، بل أن سيرتها التي نحن مدعوون إلى سلوكها جاءت مطابقة لتعاليم السيد المسيح، وربما للطريق الذي أمرنا بالسير فيه، حتى أن رؤساء الكنيسة لقبوها “برسولة روح الطفولة” التي هي خلاصة تعاليم المعلم الإلهي.
ومما يزيد هذه التسمية صحة وانطباقاً، أن القديسة تريزا أتت إلى العالم في عصر مفعم ببدع الظلال، وبعيد عن روح الله، فإن الخالق الرحيم أوفدها إلى أهل هذا الجيل لتدعوهم إلى التشبه بالأطفال في علاقتهم به تعالى. لنضع ثقتنا في رحمة الله، ونحفظ له في قلوبنا حباً جماً، مع التسلم المطلق لإرادته القدوسة، وهذه المبادئ الثلاثة: الثقة التامة، والمحبة الحارة، والانقياد المطلق، هي التي امتازت بها سيرة القديسة تريزا، كما أنها خلاصة فضائل الطفولة الروحية.
فإذا كنا اليوم نكرم تلك القديسة بعد أن تبينت لنا فضائلها، وظهرت عجائبها، فها نبذة مما كتبه أحد الرهبان الأفاضل في عام 1898، أي بعد وفاتها بسنة واحدة:
“إني على يقين تام من أن ضياء تلك النجمة الصغيرة في سماء بيعة الله سوف يزداد تألقاً يوماً بعد يوم. انها الآن لا تزال نجمة صبح صغيرة، محاطة بسحابة ضئيلة، غير أنه سيأتي يوم ينقشع فيه القناع، فتملأ هذه النجمة بضيائها بيت الرب”.
“فلتنر إذن الآن كل الذين في البيت” (متى 5 : 15) ولتكن عربون الرجاء ومرشد الخلاص للعالم بأسره، فيرتل الجميع إلى الله مع داود النبي هاتفين: “أسست لك عزة بأفواه الأطفال والرضع، من أجل أضدادك، لينتهي العدو والمنتقم”،(مز 8 : 3).
شكرا