56- يسوع يلتقي بيهوذا الإسخريوطي وتوما ويشفي سمعان الغيور | قصيدة الإنسان – الإله

1٬427
كتاب قصيدة الإنسان – الإله
ماريا فالتورتا | الإنجيل كما كُشف لي

الجزء الثاني
{السنة الأولى في الحياة العلنية}

56- يسوع يلتقي بيهوذا الإسخريوطي وتوما ويشفي سمعان الغيور

26 / 10 / 1944

كان يسوع متواجدّاً مع تلاميذه الستّة. إلّا أنّني، لا أمس مساء ولا اليوم، لم أرَ يهوذا تدّاوس الذي قال إنّه كان يريد المجيء مع يسوع إلى أورشليم.

مِن المفروض أنّه ما يزال زمن الفصح، ذلك أنّ ازدحاماً كبيراً لَمْ يَزَل في المدينة.

يقترب المساء، ويعود الكثيرون مسرعين إلى منازلهم. وكذلك يسوع يتوجّه صوب البيت الذي يستضيفه. وهو ليس بيت العلّية. إنّه داخل المدينة مع كونه في تُخومِها. إنّه منزل ريفيّ حقيقيّ وسط كرم زيتون. مِن الساحة الصغيرة التي تَسبقه، تُرى الأشجار التي تَنحَدِر وِفق صفوف تَتَلاحَق حتّى أسفل الهضبة. تتوقّف حيث تتدفّق مياه سيل قليلة جدّاً، وتجري عبر ثغرة موجودة بين هضبتين قليلتي الارتفاع. على قِمّة إحداهما يوجد الهيكل، وعلى الأخرى أشجار الزيتون على مدى النَّظَر. يسوع في أسفل هذه الهضبة الممتعة، الصاعدة وفق منحدر لطيف بكلّ بهجة أشجاره الوادعة.

«يوحنّا، هناك رَجُلان يَنتَظِران صديقكَ.» هذا ما قاله رجل مسنّ قد يكون البستانيّ أو صاحب كَرم الزيتون، وكأنّ معرفة مُسبَقَة تربطه بيوحنّا.

«أين هُما؟ مَن يكونان؟»

«لا أعرف. أحدهما من أهل يهوذا بالتأكيد. الآخر… لا أعرف. لم أسأله»

«أين هُما؟»

«إنّهما يَنتَظِران في المطبخ و… و… نعم… هناك واحد أيضاً كلّه قروح… أوقَفتُه هناك لأنّي… أرجو ألّا يكون مجذوماً… ويقول إنّه يريد رؤية النبي الذي تَكَلَّمَ في الهيكل.»

يسوع الذي كان قد بَقِيَ صامتاً حتّى هذه اللحظة يقول: «فلنذهب أوّلاً لرؤية هذا الأخير. قُل للآخَرَين أن يأتيا إذا أرادا، سوف أتحدّث إليهما هنا في كرم الزيتون.» ويلتَفِت صوب المكان الذي حَدَّدَه الرجل.

ويسأله بطرس: «ونحن ماذا نفعل؟»

«تعالوا إذا أردتم.»

وإذا بِرَجُل مُتَدَثِّر ثوباً يقيه البرد يسند ظهره إلى جدار ريفيّ يحمل إفريزاً، بجانب حدود الأملاك. مِن المفترض أن يكون الرجل قد صَعَدَ سالكاً درباً يحدّ الجدار محاذياً للسيل الصغير. وعندما يَرَى يسوع مُقبِلاً إليه يهتف: «ارجع، ارجع! إنّما ارحمني!» ويُعَرّي جذعه تاركاً ثوبه يسقط.

إذا كان وجهه مليئاً بالقشور فجذعه ليس سوى موزاييك مِن القروح. منها ما هي عميقة وأخرى حمراء مثل الحروق، وثالثة بيضاء نصف شفّافة كما لو كان عليها زجاج أبيض.

«أنتَ أبرَص! ما الذي تريده منّي؟»

«لا تلعنّي! لا ترجمني! لقد قيل لي إنّكَ تَجَلَّيتَ أمس مساء كصوت الله وحامِل النِّعمة. وقد قيل لي إنّكَ أَكَّدتَ أنّكَ تشفي كلّ الآلام برفع إشارتكَ. ارفعها عليَّ. لقد أتيتُ مِن القبور… هناك… زحفتُ مثل حيّة بين علّيق السيل لأصل إلى هنا دون أن يراني أحد. انتظرتُ حلول الظلام لأفعل ذلك، ففي شبه الظلّ لا تُرى حالتي جيّداً. لقد تجرّأتُ… والتقيتُ برجل البيت هذا الصالح، وهو لم يقتلني، بل قال لي فقط: “انتظر أمام الجدار”. أنتَ أيضاً ارحمني.» يتقدّم يسوع وحده، إذ إن التلاميذ الستّة وصاحب الأملاك مع المجهولين ظلّوا بعيدين وقد أَظهَروا اشمئزازهم بوضوح. وقال المجذوم أيضاً: «لا تتقدّم أكثر! ليس أكثر! إنّني نَجِس!»

ولكنّ يسوع يتقدّم. يَنظُر إليه بِرَأفة جَعَلَت الرجل يبكي. فيجثو ويكاد وجهه يُلامِس الأرض وهو يئن: «إشارتكَ! إشارتكَ!»

«سوف تُرفَع في أوانها. ولكن، لكَ أقول: قُم. ولتكن مُعافَى. أنا أريد ذلك. وكُن لي علامة في هذه المدينة التي يجب أن تعرفني. أقول لكَ انهَض! ولا تَعُد تُخطِئ، اعترافاً بالجميل لله!»

يَنهَض الرجل ببطء، ببطء. ويبدو وكأنّه يَبزُغ مِن وسط العشب العالي والـمُزهِر كما لو كان يَتَخَلَّص مِن كَفَن… إنّه مُعافَى. يَنظُر إلى نفسه في آخر خيوط نور النهار. لقد تعافى. يهتف: «لقد بَرِئتُ! آه! ماذا ينبغي لي أن أفعل الآن مِن أجلكَ؟»

«احفَظ الشريعة. اذهَب وقابِل الكاهن. وكُن منذ الآن صالحاً. امضِ.»

يَهمّ الرجل بالقيام بحركة ليرتمي على قدمي يسوع ولكنّه يتذكّر أنّه ما يزال غير طاهر في نَظَر الشريعة؛ فيتراجع. ولكنّه يُقَبِّل يديه ويُرسِل القبلة إلى يسوع. إنّه يبكي مِن الفرح.

يَتَسَـَمَّر الباقون. يُديـر يسـوع ظهره للأبرص الـمُبرأ ويَهزّهم وهو يبتسـم: «يا أصدقائي، لم يكن سوى بَرَص الجسد، ولكنّكم سوف تُعايِنون بَرَص القلوب يَبرأ.» ثمّ يقول للمجهولَين: «أأنتما مَن ترغبان برؤيتي؟ ها أنذا. مَن تكونان؟»

«لقد سَمِعناكَ ذاك المساء… في الهيكل. بحثنا عنكَ في المدينة. وقال لنا أحدهم، يَدَّعي أنّه قريبكَ، بأنّكَ هنا.»

«لماذا تبحثان عنّي؟»

«لنتبعكَ، إن رغبتَ بنا، فإنّ عندكَ كلام الحقّ.»

«أن تتبعاني؟ ولكن هل تَعرِفان إلى أين أنا ذاهب؟»

«كلا يا معلّم، إنّما بالتأكيد إلى المجد.»

«نعم ولكن إلى مجد ليس مِن هذه الأرض، إلى مجد يسود في السماء ولا يمكن بلوغه إلّا بالفضيلة والتضحية.» ثمّ سَأَلَهُما مِن جديد: «لماذا تريدان أن تتبعاني؟»

«ليكون لنا نصيب بمجدكَ.»

«حَسب السماء؟»

«نعم ، حسب السماء.»

«لا يستطيع الجميع بلوغه. لأنّ الشيطان ينصب الفِخاخ للراغبين بالسماء أكثر مِن الآخرين. ولا يَثبُت إلّا مَن كانت إرادته صلبة. فلماذا اتِّباعي إذا كان سيَستَلزِم صراعاً مستمرّاً مع العدوّ الذي فينا، مع العالم العدوّ، ومع العدوّ-الشيطان؟»

«لأنّ روحنا هي التي تَحمِلنا إليكَ، روحنا التي ظَلَّت أسيرة لكَ. فأنتَ قدّوس وقَدير ونحن نريد أن نكون أصدقاءكَ.»

«أصدقاء!!!» يَصمت يسوع ويتنهّد. ثمّ يُمعِن النَّظَر فيمن تَكَلَّمَ طوال الوقت والذي قد تَرَكَ الآن معطفه يسقط، وقد كان يغطّي رأسه، تاركاً رأسه مكشوفاً. إنّه يهوذا الاسخريوطيّ. «مَن أنتَ يا مَن تتكلّم أفضل ممّن هو مِن عامّة الشعب؟»

«أنا يهوذا بن سمعان. أنا مِن إسخريوط ولكنّني في الهيكل. إنّني أنتَظِر مَلِك اليهود، وهذا هو حِلمي. ملك، وقد عَرَفتُ مِن كلامكَ أنّكَ الـمَلِك. الـمَلِك، عَرَفتكَ مِن حركتكَ. خذني معكَ.»

«آخذكَ؟ الآن؟ فوراً؟ لا.»

«لماذا يا معلّم؟»

«لأنّه مِن الأفضل أن يَختَبِر الإنسان نفسه قبل سلوك طريق شديدة الانحدار.»

«ألا تثق بإخلاصي؟»

«أنتَ قُلتَها. مِن جهتكَ أظنُّه اندفاعاً ولكنّني غير واثق بثباتكَ. فَكِّر يا يهوذا. الآن أنا ذاهب وسوف أعود في العنصرة، وإذا كنتَ في الهيكل فستراني. أخبرني عمّا تستطيعه…» ويَسأل المجهول الآخر:«وأنتَ مَن تكون؟»

«أنا إنسان آخر رآكَ. كنتُ أودُّ في أن أكون معكَ. إنّما الآن فإن هذا يُخيفني.»

«لا، فالتخمين خَراب، يمكن للخوف أن يكون عائقاً، إنّما إذا نَبع مِن التواضُع فحينئذ يكون عَوناً. لا تخف. أنتَ كذلك فَكِّر وعندما آتي…»

«يا معلّم أنتَ قدّوس! أخشى ألّا أكون أهلاً. لا شيء آخر. ذلك أنّني لا أخاف ممّا أُحِبّ…»

«ما اسمكَ؟»

«توما الملقّب بالتوأم.»

«سوف أتذكّر اسمكَ. اذهب بسلام.»

يَصرفهما يسوع ويعود إلى البيت المضيف مِن أجل العشاء. وأراد الستّة الذين معه أن يَطرَحوا عليه أسئلة كثيرة.

يسأل يوحنّا: «لماذا مَيَّزتَ بينهما يا معلّم؟ ألأنّ هناك فرقاً؟ كلاهما يُلبّيان الاندفاع نفسه!…»

«يا صديقي لأنّه يمكن للاندفاع أن يكون نفسه ولكنّ النكهة مختلفة. مِن المؤكّد أنّ لكليهما الاندفاع نفسه، ولكنّه لا يرمي لدى الاثنين إلى نفس الهدف. فالذي بَدَا أقلّ كمالاً كان أكثَره، ذلك لأنّه لم تكن لديه الرغبة الحارّة بالمجد البشريّ. فهو يحبّني لأنّه يحبّني.»

«أنا أيضاً!»

«وأنا كذلك.»

«وأنا.»

«وأنا.»

«وأنا.»

«وأنا.»

«أَعلَم ذلك. فأنا أعرفكم، وأعرف ما أنتم عليه.»

«إذاً فنحن كامِلِين؟»

«آه! لا! ولكنّكم سوف تصبحون كذلك مثل توما إذا ما ثَبَتّم في إرادتكم الحبّ. كامِلِين؟! آه! يا أصدقائي! ومَن كامِل غير الله؟»

«أنتَ كائنه!»

«الحقّ، الحقّ أقول لكم بأنّني لا أكون كاملاً إذا لم تكونوا تَرَونَ فيَّ سِوى مجرّد نبيّ. فلا إنسان كامل. لكنّني كامل، أنا، إذ إنَّ الذي يُكَلِّمكُم هو كلمة الآب، والكلمة مِن الآب، فِكرهُ الذي أصبَحَ كلمة. أنا أملك الكمال في ذاتي وهذا ما يجب أن تؤمنوا به إذا ما آمنتم بأنّني كلمة الآب. ومع ذلك، كما تَرَون يا أصدقائي، أريد أن تَدعوني ابن الإنسان، ذلك أنّني أتلاشى في ذاتي مُتَحَمِّلاً كلّ شقاوات الإنسان لأحملها -وهذا هو صليبي الأوّل- وأمحوها بعد حَملها إنّما دون أن تَمَسَّني. يا له مِن حِمْل، يا أصدقائي! ولكنّني أحمِله بفرح. فأن أحمله هو فرحي. ذلك أنّ كوني ابن الإنسانية فسأعيد للإنسانيّة بنوتها لله كما في اليوم الأوّل.»

يتكلّم يسوع بهدوء وهو يجلس إلى الطاولة الفقيرة ويداه تقومان بحركات وادعة، ووجهه المنحني قليلاً مُنار مِن الأسفل بمصباح الزيت الموضوع على الطاولة. يبتسم ابتسامة خفيفة. إنّه الآن المعلّم الذي يفرض نفسه والذي تَنطق سِماته بصداقة رائعة. أمّا التلاميذ فإنّهم يُنصِتون إليه بانتباه.

«يا معلّم… لماذا لم يأت نسيبكَ الذي كان يعرف أين تقطن؟»

«عزيزي بطرس!… أنتَ ستُصبِح إحدى صخوري، بل الصخرة الأولى. ولكنّ الحجارة لا تتلاءم كلّها بسهولة للاستعمال. هل رأيتَ بلاطات قصر الحاكم؟ إنّها مُنتَزَعَة بعناء مِن سفح الجبل، ولقد أصبَحَت الآن جزءاً مِن القصر. انظر بالمقابل إلى هذه الحصى التي تلمع هنا تحت ضوء القمر في أعماق مياه السيل. لقد وَصَلَت مِن تلقاء ذاتها إلى مجرى السيل، وإذا ابتغيناها فإنّها تستسلم مباشرة لأخذها. إنّ ابن عمي يشبه الحجارة الأولى التي تَكَلَّمتُ عنها… وإنّ سفح الجبل: العائلة تُزاحِمني عليه.»

«إنّما أنا أريد أن أكون تماماً مثل حجارة السيل. مِن أجلك أنا مستعدّ لترك كلّ شيء، البيت والزوجة والصيد والأخوة. كلّ شيء، يا معلّمي، مِن أجلك.»

«أعرف ذلك يا بطرس، ولذلك أنا أحبّكَ، إلّا أنّ يهوذا أيضاً سيأتي.»

«مَن؟ يهوذا الاسخريوطيّ؟ لا أَطمَئِنُّ إليه، إنّه سيّد وسيم ولكن… أُفَضِّل… نعم، أُؤثِر نفسي…»

يَضحَك الجميع لانفعال بطرس.

«لا شيء يدعو للضحك. أريد القول بأنّني أُفَضِّل جليلياً بسيطاً، صيّاداً على سجيّته، إنّما صريحاً، على… على أبناء المدينة الذين… لستُ أدري. هو ذاك، ولكن المعلّم يُدرِك ما الذي أريد قوله.»

«نعم، أُدرِك، ولكن لا تَحكُم. فالواحد منّا في حاجة إلى الآخر، على الأرض، والصالحون يختلطون بالأشرار مثل الزهور في الحقل: الشوكران (نبات شوكيّ سام) إلى جانب الخبّيزة المفيدة.»

«أريد أن أسأل…»

«ماذا يا أندراوس؟»

«لقد حَدَّثَني يوحنّا عن المعجزة التي اجتَرَحتَها في قانا… وقد تمنّينا لو تَجتَرِح أُخرى في كفرناحوم… وقد قُلتَ لنا بأنَّكَ لن تجترح المعجزات قبل إتمام الشريعة أوّلاً. لماذا إذن في قانا؟ لماذا هناك وليس في موطنكَ؟»

«كُلّ طاعة للشريعة هي اتّحاد بالله، وإذاً هي نموّ لِقُدرَاتنا. والمعجزة هي الدليل على الاتّحاد بالله، على وجود الله الساهر علينا وعلى تجاوبه معنا. لذلك أردتُ إتمام واجبي كإسرائيليّ قبل البدء بسلسلة العجائب.»

«ولكنّكَ لم تلتَزِم بالتقيّد بالشريعة.»

«لماذا؟ كابن لله، لا. أمّا كابن للشريعة، بلى. فإسرائيل حتّى الساعة لا تعرفني سوى هكذا… وحتّى فيما بعد، فكلّ إسرائيل تقريباً لن تعرفني سوى هكذا، بل أَقَلّ كذلك. ولكنّني لا أريد أن أُشَكِّك إسرائيل، وسأخضَع للشريعة.»

«أنت قدّيس.»

«القداسة لا تَستَبعِد الطاعة، بل بالعكس تُكَمِّلها. بالإضافة إلى كلّ الباقي، هناك الـمَثَل الصالح الواجب إعطاؤه. فما قولكَ بِأَب أو أخ بِكر أو معلّم أو كاهِن لا يكون مثالاً صالحاً يُحتَذى به؟»

«وقانا إذن؟ »

«في قانا كان واجب مَنح والدتي الفرح. في قانا كانت دفعة على الحساب الواجب عليَّ لوالدتي. فقد كانت هي أوّل مَن جَلَبَ النِّعمة. وهُنا سوف أُكَرِّم المدينة المقدّسة بأن يكون فيها أوّل إعلان عن قُدرتي كماسيا، إنّما هناك في قانا فقد كان ينبغي لي إكرام قدّيسة الله، الكلّية القداسة. بها حَصَلَ العالم عَليَّ. فَمِنَ العدل أن يعود لها الفضل في اجتراحي أولى معجزاتي في هذا العالم.»

هناك مَن يقرع الباب.

إنّه توما مِن جديد. يَدخُل ويرتمي عند قدمي يسوع. «يا معلّم… لا أستطيع انتظار عودتكَ. دعني معكَ. أنا مُفعَم بالأخطاء. إنّما لديَّ هذا الحبّ، فقط حبّ كبير وحقيقيّ، إنّه كنزي، وهو لكَ، إنّه مِن أجلكَ. احتفظ بي يا معلّم…»

يضع يسوع يده على رأس ذاك: «ابق يا توأم. اتبعني. طوبى لأولئك الصادقين والذين لديهم إرادة صلبة. بوركتم، فأنتم لي أكثر مِن الأهل، إنّكم بالنسبة لي أبناء وإخوة ليس بحسب الدم المائت، ولكن بحسب إرادة الله وإرادة أرواحكم. الآن أقول لكم: ليست هناك قُربى أوثَق مِن القُربى مع الذي يُتَمِّم مشيئة أبي. وأنتم تُتِمُّونها لأنّكم تَبغُون الخير.»

هكذا انتَهَت الرؤيا.

إنها الساعة الرابعة مساءاً وقد بَدَأَت تقع عليَّ ظِلال النوم التي أُحِسُّ بها تتغلغل عميقة، كنتيجة منطقيّة لساعة الألم أمس…

ولكن في 24 تشرين الأوّل (أكتوبر) كذلك، وَجَدتُ نفسي مريضة جدّاً حتّى إنّي في نهاية الرؤيا الموصوفة، وأثناء ألم في رأسي يشبه التهاب السحايا، دون شك، لم أجرؤ على إضافة أنّني أخيراً رأيتُ يسوع مرتدياً، كما يَظهَر لي عندما يكون بكلّيته لي، ثَوباً صوفياً ناعماً ذا لون أبيض يميل قليلاً إلى العاجيّ ومعطفاً متناسباً. الثوب الذي كان يرتديه عند أوّل ظهور له كماسيا في أورشليم.


كتاب قصيدة الإنسان – الإله
ماريا فالتورتا
 →  السابق       البداية       التالي  ← 
مواضيع ذات صلة
تعليقات
  1. غير معروف

    اين باقى الإجزاء
    الكتاب دة رائع
    اشكر تعب محبه كل اللى ساهموا فى النشر والترجمه 🙏🙏

أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.