شهر مع قلب يسوع الأقدس (16)
لا تخافوا
هناك اشياء كثيرة وعوامل عديدة تحيط بنا تثير الخوف فينا: المرض، الظلم، الحوادث، الغلاء، المستقبل المجهول، اللاستقرار الاجتماعي، عدم التفاهم حتى مع اقرب الناس الينا، واجبات مفروضة علينا نخاف من عواقبها الوخيمة ان لم نكملها بحذافيرها. هذه المظاهر وغيرها تسبب الخوف عند الانسان في مختلف المجتمعات حتى في تلك التي تصنف عادة راقية ومتقدمة، لا بل قد تكون هناك اعمق واقوى.
ان يسوع يقول لنا “لا تخافوا”! … فيعيد الى قلوبنا السلام والامل، ويغرس فينا الثقة. انه معنا ويكرر على مسامعنا ما قاله للتلاميذ عندما هاجت الامواج وكادت تغرق السفينة فخافوا فقال لهم: لا تخافوا (متى 8 : 23 – 26) وعندما سار على الماء عند آخر الليل فظنه التلاميذ خيالا فصرخوا لانهم اضطربوا، فقال لهم: “ثقوا انا هو لا تخافوا”(مرقس 6 : 50) وكرر ذلك على مسامع تلاميذه محذراً اياهم من الصعوبات لكنه شجعهم اذ قال لهم في آخر الامر: “ثقوا انا غلبت العالم”. (يوحنا 16 : 33). فكم علينا ان نلتجيء الى قلب يسوع فنستمد منه القوة والشجاعة والثقة التي نحن بامس الحاجة اليها في مسيرتنا اليومية، وكما قال لتلاميذه المرتعبين “لا تخافوا”. هكذا سيقول لنا ونحن نجابه صعوبات الحياة بانواعها “لا تخافوا”. فلنثق به.
يا يسوع، أنت ذو القلب الشفيق، الكلي الجودة و الصلاح. أنت تراني و تحبني. أنت رحيم وغفور، إذ لا يمكنك أن ترى الشقاء دون أن ترغب في مداواته، ها إني أضع كل رجائي فيك، وأثق أنك لن تهملني، وأن نعمك تفوق دائماً آمالي. فحقق لي يا يسوع، جميع وعودك، وامنحني النعم اللازمة لحالتي، وألق السلام في عائلتي، وعزني في شدائدي، و كن ملجأي طيلة حياتي و في ساعة موتي.
إن كنت فاتراً في إيماني فإني سأزداد بواسطتك حرارة. أو كنت حاراً فاني سأرتقي درجات الكمال. أنعم علي يا يسوع بنعمة خاصة ألين بها القلوب القاسية، و أنشر عبادة قلبك الأقدس. واكتب اسمي في قلبك المعبود، كي لا يمحى إلى الأبد. وأسألك أن تبارك مسكني حيث تكرم صورة قلبك الأقدس.
تأمل في تناول القربان الأقدس يسدُ حاجتنا
ان العبادة لقلب يسوع الأقدس ليست من باب الأطلاق إلا ممارسة المحبة، فاذا علمنا جيداً حقيقة التناول فهمنا كفاية انه ما من طريقة توقد في قلوبنا نار محبة يسوع اكثر من تقدمنا بتواتر لقبول سر محبته العجيب. قالت القديسة آنجلا دي فولينيو: “لو تأملت النفس وأمعمت نظرها فيما يجري في هذا السر الألهي لتحول جليد قلبها البارد الى لهيب حب وإمتنان اذ ترى ذاتها محبوبة حباً عجيباً”. إن التناول يولينا حياة يسوع، وهذه الحياة كلها قداسة وبرارة وسلام وغبطة. بالتناول نسلم من فساد العالم ونخبر بفضائل ذلك الذي دعانا من الظلمة الى نوره العجيب.
فيا للحزن العظيم الذي نسببه لقلب يسوع بإمتناعنا عن التناول وعدم التفاتنا الى سر القربان المقدس. إن هذا المخلص الإلهي قال يوماً لأمته الجليلة مرغريتا مريم: “تناوليني ما أستطعتِ” وقال لها أيضاً: “تذوب نفسي عطشاً الى ان يحبني البشر ويكرمونني في سر محبتي، ولكني لا أرى من يجتهد بتكميل رغبتي ويروي غليلي ويكافئني بعض المكافأة”. ولذا طلب منها ان يتناوله المؤمنون في كل أول جمعة من الشهر وليكن تناولهم إياه للتعويض عن الأهانات التي تصيبه في القربان المقدس ووعدها بأن الذين يمارسون هذا التناول بإتقان يهبهم نعمة التوبة عند الموت فلا يموتون بدون ان يقبلوا الأسرار الاخيرة.
فغاية قلب يسوع الأقدس من وضعه التناولات التسعة المتوالية في كل أول جمعة من الشهر شرطاً للفوز بالحياة الأبدية، ليست إلا ان يعودنا رويداً رويداً الإكثار من قبول سر القربان المقدس، إذ ان قبوله مرة واحدة في السنة لا يجدي النفس نفعاً كما لو قبلته مراراً عديدة. ولما كنا في عبادة قلب يسوع الأقدس نمارس أفعال محبته، كانت التناولات المتواترة أجدر من سواها بإعطائنا حياة الله وانمائها فينا لنظفر من ثمة بحياة الأبد قياماً بوعد قلب يسوع.
تتلى بإستخدام المسبحة الوردية الإعتيادية، عند صليب المسبحة أتل الصلوات التالية:
يا قلب يسوع حبيبي زدني حبّاً لك. يا يسوع فاديّ إليك أسلم قلبي فضعه في قلبك فإني لا أريد أن أعيش إلا فيه. فليكن قلبي قرباناً لك. يا يسوع لك أقدّم هذه المسبحة لأستحقّ مواعد قلبك الأقدس.
على الحبات الكبيرة:
أيها الآب الأزلي، إني أقدّم لك دم سيّدنا يسوع المسيح الثمين للغاية، وفاءً عن خطايانا ولأجل احتياجات الكنيسة المقدسة.
على الحبات الصغيرة:
يا يسوع الوديع والمتواضع القلب، إجعل قلبنا مثل قلبك.
في خاتمة العشر حبّات:
يا قلب مريم الحلو، كن خلاصي.
كيرياليسون كريستياليسون كيرياليسون
يا ربّنا يسوع المسيح أنصت إلينا
يا ربّنا يسوع المسيح إستجبنا
أيّها الآب السماوي الله إرحمنا
يا ابن الله مخلّص العالم إرحمنا
أيّها الروح القدس الله إرحمنا
أيّها الثالوث القدّوس الإله الواحد إرحمنا
يا قلب يسوع ابن الله الأزلي إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المصوَّر من الروح القدس في أحشاء البتول إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المتّحد جوهريًّا بكلمة الله إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ذا العظمة غير المتناهية إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع هيكل الله المقدّس إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع خباء الربّ العليّ إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع بيت الله وباب السما إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع أتّون المحبّة المضطرم إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع منـزل العدل والمحبّة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المفعم جودًا وحبًّا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع لجّة الفضائل كلّها إرحمنــــــــــا
يا قلب يسوع الجدير بكلّ تسبحة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ملك جميع القلوب ومركزها إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الحاوي كلّ كنوز الحكمة والعلم إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع مسكن ملء اللاهوت كلّه إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع موضوع سرور الآب إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الذي من فيضه أخذنا جميعنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع رغبة الآكام الدهريّة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الطويل الأناة والكثير الرحمة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الغنيّ لكلّ من يدعونك إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ينبوع الحياة والقداسة إرحمنـــــــــــــا
يا قلب يسوع الضحيّة عن آثامنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع الموسع عارًا لأجلنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المنسحق لأجل أرجاسنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المطيع حتّى الموت إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع المطعون بالحربة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع مصدر كلّ تعزية إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع حياتنا وقيامتنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع صلحنا وسلامنا إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ذبيحة الخاطئين إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع خلاص كلّ المتوكّلين عليك إرحمنـــــــا
يا قلب يسوع رجاء الذين يموتون في محبّتك إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع نعيم جميع القدّيسين إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع حماية مكرّميك الحلوة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع تعزية الحزانى إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع قوّة الضعفاء إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع ملجانا في يوم التجربة إرحمنـــــــــــا
يا قلب يسوع مستحقّ ذبيحة قلوبنا إرحمنـــــــــــا
يا حمل الله الحامل خطايا العالم أنصت إلينا
يا حمل الله الحامل خطايا العالم إستجبنا
يا حمل الله الحامل خطايا العالم إرحمنا
كيرياليسون كريستياليسون كيرياليسون
س: يا يسوع الوديع والمتواضع القلب
ج: إجعل قلبنا مثل قلبك.
يا ربّنا يسوع المسيح، يا من بمحبّة جديدة ارتضيت أن تفيض على كنيستك خيرات قلبك الإلهيّة، إمنحنا قوّة لأن نكافئ محبّة هذا القلب الأقدس، وبالكرامة الواجبة نعوّض عن الإهانات التي يفعلها جاحدو معروف هذا القلب الحزين.
أيّها الإله الأزليّ القادر على كلّ شيء، أنظر إلى قلب ابنك الحبيب وإلى الوفاء والتسابيح التي قدّمها لعزّتك عن الخطأة. فاغفر لهم إذ يطلبون رحمتك، وارضَ عنهم باسم ابنك سيّدنا يسوع المسيح، الذي معك يحيا ويملك بوحدة الروح القدس، إلى دهر الداهرين. آمين.
جاء في حياة القديس مارتن الجندي الباسل انه أراد ذات شتاء قارس ان يعود الى مدينة أميان عاصمة بيكاردية في القرن الرابع، فلم يكن لباسه هو غير رداء واسع مختص برتبته العسكرية، وربما كان قد اعطى الفقراء بقية ثيابه. فلما وصل الى باب المدينة شاهدَ فقيراً عرياناً وسمعهُ يستغيث بالمارين دون ان يلتفت احد اليه. فأفتكر إذ ذاك الجندي المملوء قلبه حباً لله وللقريب بأن إغاثة هذا المسكين مُعدة له. وقد شاء الله ان يمتحن بها فضيلة عبده ويُظهر للملا درجة محبتهِ للإنسان المتألم.
فلم يكن لمارتن غير الرداء المار ذكرهُ وهو لا يكاد يكفي لأثنين غير انه لم يتردد في عزمهِ فأستل سيفهُ وقطع رداءهِ شطرين، أعطى الشطر الواحد للفقير وأبقى لهُ الشطر الثاني وإذ لم يكن كافياً ليستر جميع اعضاءهِ، قرسهً البرد وألمه في أطرافهِ المعراة. فجعل الناس يستهزئون بهِ لقصر رداءهِ ولا يغطي جمسهُ كما يجب. لكن مارتن الذي لم يكن يكترث للمدح ولا للقدح، ترك الناس وشأنهم ودخل بيتهِ وباتَ فيهِ ليلتهِ.
وفي ليلتهِ ترأى له الرب يسوع في الحلم وهو لابس قطعة الرداء التي أعطاها للفقير المجهول وقال لهُ: أنظر إلى هذا الرداء فأنهُ رداؤكَ الذي اعطيتني إياه أمس، ثم إلتفتَ نحو الملائكة المحدقين بهِ وقالَ لهم: إن مارتن الجندي هو الذي كساني بهذا الرداء. وأشارَ بكلامهِ هذا إلى قولهِ: “إن كل ما تفعلونه بأحد أخوتي هؤلاء الصغار فبي تفعلونه”.
أعطني يا يسوع ثقة كاملة فيك، فلا أعود أتردد أبداً في اللجوء إليك لأستقي الماء الحي من قلبك الإلهي. وليولد فيّٓ هذا الماء قدرة حبك ويطبع وجودي الإنساني إلى الأبد. وليكشف لي روحك عن كنوز قلبك التي لا حدّٓ لها آمين.
حاول ان تتناول القربان المقدس كلما حضرت القداس الألهي.
يا قلب يسوع الأقدس زد إيماني بشدة حبك لي.