البابا فرنسيس يستقبل رئيس الجمهورية الإيطالية سيرجو ماتاريلا
استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم السبت في الفاتيكان رئيس الجمهورية الإيطالية السيد سيرجو ماتاريلا ترافقه نجلته لاورا. وقد وجه البابا لضيفه الكريم خطابا استهله معربا عن امتنانه لهذه الزيارة التي يقوم بها ماتاريلا بعد شهرين على انتخابه على رأس الجمهورية الإيطالية لافتا إلى أن هذه البادرة تشكل انعكاسا للعلاقات الممتازة القائمة بين الكرسي الرسولي والدولة الإيطالية وتأتي استمرارا للزيارات التي قام بها سلفه الرئيس السابق جورجيو نابوليتانو إلى الفاتيكان في أكثر من مناسبة، كما تشكل أيضا مناسبة للقاء بين أرفع السلطات الإيطالية والكنسية.
بعدها تطرق البابا إلى اتفاقيات اللاتيران التي شكلت وتشكل إطارا مرجعيا صلبا وقد نمت ضمنه وتعززت العلاقات الثنائية بين إيطاليا والكرسي الرسولي وقد وجهت هذه الاتفاقات أيضا التعاون المشترك استنادا إلى القيم المتقاسمة وبحثا عن الخير العام. وشدد البابا أيضا على أهمية التعاون المتجدد في إطار احترام دور وصلاحيات ووظائف كل طرف، من أجل توحيد الجهود لما فيه خير كل المواطنين.
وأكد فرنسيس أن الكنيسة تقدّم للجميع جمال الإنجيل ورسالته الخلاصية، وبغية القيام بهذا الواجب إنها تحتاج لأن تنعم بالسلام والطمأنينة وهي شروط يمكن أن تعززها السلطات الرسمية وحدها. كما أن هذه السلطات، المدعوة إلى تحقيق نمو متكافئ ومستدام، تجد في الكنيسة عضدا لها ولنشاطها واعتبر البابا أن استقلال الطرفين عن بعضهما لا ينتقص من المسؤولية المشتركة حيال الكائن البشري ومتطلبات الجماعة الروحية والمادية إنما على العكس يعزز هذه المسؤولية.
هذا ثم لفت البابا في خطابه إلى رئيس الجمهورية الإيطالية إلى أن التعددية السليمة لا توصد الأبواب أمام الإسهام الخاص لمختلف المكونات الفكرية والدينية التي يتألف منها المجتمع شرط أن تتبنى هذه المكونات المبادئ الأساسية التي ترتكز إليها الحياة العامة ولا تسعى إلى تسييس أو تشويه معتقداتها بهدف ممارسة العنف والتسلط على الآخرين. وشدد البابا بعدها إلى أن تاريخ إيطاليا يُظهر بوضوح الإسهام العظيم للمسيحية في ثقافتها وطابع شعبها بما أن الإيمان المسيحي تغلغل ضمن الفن والهندسة المعمارية وتقاليد البلاد.
بعدها توقف فرنسيس عند أهمية العمل المتصل اتصالا مباشرا بكرامة الكائن البشري لكونه يسمح للشخص بعيش حياة حرة وكريمة، مشيرا إلى مشكلة البطالة المستفحلة التي تعني السلطات الرسمية والمنظمات والشركات والجماعات الكنسية. ومن أجل قيام نمو منتظم للمجتمع من الأهمية بمكان أن تتمكن الأجيال الناشئة، من خلال العمل، أن تخطط لمستقبلها والمسؤولون مدعوون إلى معالجة هذه المشاكل بشجاعة وإبداع وسخاء.
ولم يخل خطاب البابا من التطرق إلى القضايا البيئية معتبرا أنه بغية التخفيف من وطأة الخلل البيئي والتلوّث لا بد من تعزيز إدراك تام حول تصرفاتنا تجاه الخليقة. وعبر البابا أيضا عن أمله بأن يشكل معرض ميلانو ـ الذي سيفتح أبوابه للجمهور بعد فترة وجيزة ـ مناسبة للتعمق في المسائل المتعلقة بالتدهور البيئي من أجل تبني قرارات فاعلة تساهم في الحفاظ على صحة كوكب الأرض الذي أوكله الله لحماية الجنس البشري برمته.
في ختام خطابه إلى رئيس الجمهورية الإيطالية عبّر البابا عن امتنانه للالتزام الذي تقوم به إيطاليا في مجال استضافة الأعداد الكبيرة من المهاجرين الذين يلجئون إليها بحثا عن الضيافة معرضين حياتهم للخطر. وقال إنه من الواضح أن حجم هذه الظاهرة يتطلب مشاركة أوسع من قبل الجميع، لا يمكننا أن نتعب من حث الكل على تبني التزام أشمل على الصعيدين الأوروبي والدولي.