16- خاتمة لما قبل الإنجيل | قصيدة الإنسان – الإله

1٬164
كتاب قصيدة الإنسان – الإله
ماريا فالتورتا | الإنجيل كما كُشف لي

الجزء الأول
{الحياة الخفية}

16- خاتمة لما قبل الإنجيل

يقول يسوع:

«انتهت الدورة (فترة ما قبل البِشارة)، وقد حملكِ يسوعكِ بهدوء وبكلّ العذوبة والطلاوة خارج صخب هذه الأيّام. وكطفل صغير يلبس الصوف الناعم وهو موضوع على وسادات وثيرة، غصتِ في هذه الرؤى السعيدة كي لا تشعري وأنتِ مروَّعة بوحشيّة الناس الذين يتباغضون بدل أن يتحابّوا. لم تكوني لتستطيعي تحمّل أشياء كثيرة، ولا أريد أن تموتي لأنّني أهتم بـ «الناطقة بلساني».

سوف يزول مِن العالم السبب الذي مِن أجله تتعذب الضحايا بكلّ اليأس. وبالنسبة لكِ أيضاً، يا ماريا، سينتهي زمن الألم الـمُريع. لأسباب كثيرة تنتهك أحاسيسكِ الشخصية. لن تتوقّفي عن الألم: أنتِ ضحيّة. ولكنّ جزءاً مِن آلمكِ سيتوقّف. وبعدها سيأتي اليوم الذي أقول فيه كما قلتُ لمريم المجدليّة ساعة موتها: “استريحي، حان وقت استراحتكِ. أعطني أشواككِ. لقد حان وقت الورود. استريحي وانتظري. أبارككِ يا مباركة.”

قلتُ لكِ ذلك، وكان وعداً مني، ولم تدركيه عندما حان الوقت الذي تغوصين فيه، تتدحرجين، مكبّلة، مغطّاة بالأشواك في أعمق الظُّلُمات… أكرّر لكِ ذلك الآن بفرح لا يختبره إلاّ الحبّ الذي هو أنا عندما أريد أن أوقف الألم عن المحبوبة. هذا ما أقوله لكِ الآن: زمن التضحية انتهى. وأنا الذي أعرف أقول لكِ مِن أجل العالم الذي لا يعرف، لأجل إيطاليا وفياريجيو، لأجل هذه البلدة الصغيرة التي جَلَبتِ لي فيها -تأمّلي معنى هذه الكلّمات- الشكر المخصّص للمحرقات مِن أجل تضحياتهم.

عندما أريتكِ سيسيليا الزوجة البتول قلتُ لكِ إنّها مشرّبة بعطوري التي جَذَبَت بروائحها الزوج والصهر والخدّام والأهل والأصدقاء. وأنتِ قد فعلتِ ذلك دون أن تعلمي، ولكنّني أقول لكِ، أنا الذي أعرف، عن دور سيسيليا في هذا العالم الذي أصبَحَ مجنوناً.

أنتِ ممتلئة مني، مِن كلمتي؛ لقد حملتِ رغباتي وسط الناس، والأفضل منهم أدرَكوا، وبعدكِ، أيّتها الضحيّة، كثيرون، كثيرون خَرَجوا، وإذا لم يُدمَّر وطنكِ بأكمله، والأمكنة المفضّلة والمحبوبة لديكِ، فذلك لأن كثيراً مِن القرابين قُدِّمَت بعد مَثَلكِ ونشاطكِ. شكراً أيّتها الـمُبارَكة. إنّما استمرّي أيضاً. فأنا في أمسّ الحاجة لأنقذ الأرض، لأفتديها. وأنتنّ أيتها الضحايا، ثمّن هذا الافتداء.

الحكمة التي تُثقّف القدّيسين وتُثقّفكِ بتعليم مباشر، ترفعكِ دائماً أكثر إلى مستوى إدراك عِلم الحياة وممارستها. فانصبي أنتِ أيضاً خيمتكِ قرب بيت الرب. اغرسي أوتاد خيمتكِ في مقر الحكمة وابقي فيها ولا تَخرُجي. سترتاحين تحت حماية الرب الذي يحبكِ كعصفور وسط الأغصان الـمُزهِرة، وسيجعلكِ في مأمن مِن كلّ سوء الأحوال الروحية، وستكونين في نور مجد الله مِن حيث ستهبط إليكِ كلمات السلام والحقيقة. اذهبي بسلام. أبارككِ يا مباركة.»

وبعد ذلك مباشرة تقول مريم:

«إلى ماري هديّة الأُمّ في عيدها. سلسلة هدايا. وإن كان بينها بعض الأشواك، لا تتذمّري مِن الربّ الذي أحبّكِ كما أَحَبَّ القليلين جدّاً. قلتُ لكِ في البداية: “اكتبي عني. وكلّ ألم سيلقى سَلواه.” ووجدتِ أن هذا حقيقي. هذه الهدية كانت محفوظة لكِ لزمن الاضطرابات هذا. فنحن لا نهتم فقط بالروح، ولكننا نعرف أن نعير اهتماماً للمادة التي ليست أبداً مالِكة، بل خادمة مفيدة للروح لتتيح له انجاز رسالته.

كوني عارفة لجميل الباري تعالى، الذي هو بالنسبة لكِ بالحقيقة أب حتّى بالمعنى البشريّ الوَدود، والذي يهدهدكِ بانخطافات عذبة، ليزيل عنكِ ما سوف يُروّعكِ. أحبّيني دائماً أكثر، لقد حملتكِ معي في سرّ سنواتي الأولى. الآن تعرفين كلّ شيء عن الـ “ماما”. أحِبّيني كابنة وكأخت لكِ في مصيركِ كضحيّة. وأحِبّي الله الآب، الله الابن، والله الروح القدس في كمال الحب. ولتمر عبر يديّ بركة الآب والابن والروح القدس، ولتأخذ عطر حبي لكِ، حب الأمّ، ولتنزل وتستقر عليكِ. كوني سعيدة بشكل فائق الطبيعة.»


كتاب قصيدة الإنسان – الإله
ماريا فالتورتا
 →  السابق       البداية       التالي  ← 
مواضيع ذات صلة
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.