كتاب القديس ميخائيل – الفصل الثالث

4٬465

رؤيا البابا لاون الثالث عشـر

كثيرون يذكرون أن الكاهن المحتفل والمؤمنين كانوا قبل الإصلاح الليتورجي الذي قرره المجمع الفاتيكاني الثاني، يركعون في نهاية كل قداس ويتلون صلاة مـُقدّمة الى العذراء مريم وأخرى إلى رئيس الملائكة القديس ميخائيل. وها إننا نثبت هنا نص الصلاة الأولى والثانية لجمالهما وروعتهما.

صلاة الى العذراء مريم

ايتها المُعظمة مريم العذراء سلطانة السماوات وسيدة الملائكة، أنتِ يامن نلتِ من الله قدرة لسحق رأس الشيطان؛ نتوسل اليكِ بخضوع أن تـُرسلي الجنود السماوية الى العالم، لكي يطاردوا تحت أمرتكِ وبقدرتك وبقوة الله؛ الأبالسة ويسحقوهم في كل زمان ومكان، ويقمعوا وقاحتهم ويعيدوهم إلى أسفل الجحيم، آمين.

صلاة لمار ميخائيل

يا مار ميخائيل، رئيس الملائكة، دافع عنا في المعارك، كـن عوننا ضد شر الشيطان ومكامنه، وليفرض الله عليه سلطانه. نضرع اليك بذلك، انت ياقائد القوات السماوية، إدفع الى جهنم بقوة الله؛ الشيطان وسائر الأرواح الشريرة التي تجوب العالم لإهلاك النفوس، آمين.

القديس ميخائيل

كيف ولدت هذه الصلاة الثانية؟ في مقال نشر سنة 1955 في مجلة الروزنامة الليتورجية كتبه الأب دومينيكو بيكينينو قائلا: في الصباح احتفل الحبر الكبير لاوون الثالث عشر بالذبيحة الإلهية، ثم حضر كعادته احتفالاً آخر للشكران. وفجأة رأيناه يرفع رأسه ويحدق بشئ ما فوق المحتفل. كان ينظر في اتجاه ثابت دون ان يرف له جفن، كمن يعتريه شعور بالرعب والإندهاش وتغيرت ملامح وجهه، شئ غريب وعظيم قد حدث له. أخيرا وكمن استعاد روحه نهض مستندا على يده بحركة خفيفة وحازمة، ورأوه يتجه صوب مكتبه الخاص حالاً، وتبعه المقربون منه بقلق وسألوه بصوت منخفض: ايها الآب الأقدس هل أصابك سوء؟ هل انت بحاجة الى شيء؟ فأجاب كلا. لاشيء.

 وبعد نصف ساعة استدعى أمين سر مجمع الطقوس، ناوله ورقة وأمره ان تُطبع وتوزع على جميع اساقفة العالم. ماذا جاء فيها؟ الصلاة التي نتلوها مع المؤمنين في نهاية القداس: ابتهال الى العذراء القديسة وطلب شفاعة قائد القوات السماوية، وتوسل الى الله أن يدحر الشيطان الى جهنم.

وأوصت هذه الكتابة بأن تُتـلى تلك الصلوات ركوعـاً. هذه الأسطر القليلة نُشرت ايضا في جريدة اسبوع الإكليروس في 30 آذار 1947، ولكن لم يذكر مصدرها. ولنلاحظ على كل حال الطريقة غير المعتادة التي فُرضت بها تلاوة تلك الصلاة المرسلة سنة 1886 الى اساقفة العالم وتأكيداً لما روى الأب بيكينيو لنا؛ هناك شهادة الكاردينال “نزالي روكا” التي لاتُرد. لقد ورد في رسالته الرعائية لمناسبة الصوم والتي وُزعت في مدينة بولونيا سنة 1946: لاوون الثالث عشر ألف تلك الصلاة؛ “الشيطان وجنوده من الأرواح الشريرة الذين يجولون في العالم من أجل إهلاك النفوس” لها شرح تاريخي قاله لنا مرارا عديدة أمين سره المطران رينالدو أنجلي، لاوون الثالث عشر حصلت له حقا رؤيا الأرواح الجهنمية تتجمع حول المدينة (روما الخالدة)، ومن تلك الرؤيا ولدت الصلاة التي اراد ان تتلوها الكنيسة بأجمعها، وكان هو يصليها بصوت قوي ورنـّان، لقد سمعناها غالبا في بازيليك الفاتيكان. وليس هذا كل شئ، لقد كتب أيضا بيده تقسيما خاصا موجودا في كتاب الرتب الروماني (طبعة 1954 فصل 12/3 ص/863 ومايلي). وكان غالبا يوصي المطارنة والكهنة بتلاوة تلك التقسيمات في الأبرشيات والرعايا، وهو ذاته كان يرددها طوال اليوم.

ومن المفيد أيضا، اعتبار حادثة أخرى تزيد من قيمة تلك الصلوات التي كانت تـُتلى في نهاية كل قداس، وهي ان بيوس الحادي عشر أراد ان تـُضاف الى تلك الصلوات فكرة خاصة بروسيا (خطبة 30حزيران1930). في تلك الخطبة بعد أن ذكـّر بالصلوات التي كان قد طلبها من جميع المؤمنين على نية روسيا في عيد القديس يوسف (19آذار 1930). وبعد ان ذكـّر بالإضطهاد الديني الحاصل بشراسة في تلك البلاد ختم بهذه الكلمات: (ولكي يتمكن الجميع من مواصلة تلك الصليبية المقدسة نقرر ان تتلى هذه الصلاة خاصة من أجل روسيا، وهي الصلوات التي كان سلفنا لاوون الثالث عشر، قد أمر الكهنة والمؤمنين بتلاوتها بعد كل قداس). وطلب من الأساقفة والإكليروس العلماني والرهباني معاً، الإهتمام بإطلاع المؤمنين الذين يشاركون في الذبيحة المقدسة على تلك الصلوات وعدم إهمالها (شيفيلتا كاتوليكا 1930 المجلد الثالث).

إن حضور الشيطان المخيف كما تم التأكد منه، أخذه الحبر الأعظم بعين الإعتبار، والنية التي أضافها بيوس الحادي عشر؛ كانت موجهة إلى العقائد الخاطئة التي انتشرت خلال عصرنا والتي تسمـِّم حتى الآن، ليس فقط حياة الشعوب بل أيضاً اللاهوتيين. وإذا كان التدبير الذي إتخذه بيوس الحادي عشر لم يـُحترم! فالخطأ يقع على من أوكلت اليهم هذه المهمة. (هذا التدبير كان منسجما تماما مع التنبيهات الكاريسماتية التي كان الرب قد وجهها إلى الإنسانية بواسطة ظهورات “فاطيما” بالرغم من بقائه مستقلا ً عنها، لأن “فاطيما ” لم تكن بعد قد عـُرفت في العالم).

توصية للبابا يوحنا بولس الثاني

في 24 نيسان 1994، أوصى البابا القديس يوحنا بولس الثاني بعد الإبتهال الى السيدة العذراء (ص/49)، بأن تُتلى صلاة للقديس ميخائيل التي أوحيت الى البابا لاوون الثالث عشر سنة 1884، والتي شددت السيدة العذراء على تلاوتها يوميا (ذلك في رسالتها الى الكاهن الإطالي ستيفانو غوبي). “رئيس الملائكة يدافع عنكم ضد الهجمات العنيفة لإبليس … كم مرة كدتـُم تكونون فريسة لهجمات إبليس، لولا تدخل رئيس الملائكة ميخائيل ليدافع عنكم ويحميكم!، إبتهلوا إليه غالبا بصلاة التقسيم الفعالة جداً ضد إبليس وملائكته المتمردين…” السيدة العذراء في 29 أيلول 1986.

إنه رئيس الملائكة ميخائيل شفيع الكنيسة الجامعة، الذي يتدخل بسلطته الكبيرة. ليحرركم من الخبيث وشـِراكه الخطرة. لأجل ذلك إن ملائكة الرب لهم وظيفة مهمة. عليكم دائما العيش برفقتهم.


مواضيع ذات صلة
أكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.